لافروف يربك معسكر الجزائر: الحكم الذاتي المغربي يدخل قاموس الشرعية الأممية !

محرر مقالات29 أكتوبر 2025
لافروف يربك معسكر الجزائر: الحكم الذاتي المغربي يدخل قاموس الشرعية الأممية !

العيون الآن.

 

حمزة وتاسو / العيون.

 

مع اقتراب ساعة الحسم في مجلس الأمن لا يكفي أن ننتظر الحسابات التقليدية؛ فالمشهد الدولي تغير، ومراكب النفوذ أعادت ترتيب مواقفها اليوم وعلى ضوء دلائل ملموسة، لم تعد مسألة ”من يفوز” في قضية الصحراء سؤالا نظريا فحسب، بل واقعا دبلوماسيا واقتصاديا يشي بتموضع متزايد لمصلحة الرباط إلى درجة أن السنوات المقبلة قد تسجل تاريخيا كمرحلة فقدت فيها الأطراف المعادية القدرة على إسقاط مشروع الحكم الذاتي المغربي عن سكة الانتصار السياسي.

 

أول خطوط الدليل صارخة خروج موسكو من ”حياد تكتيكي” إلى لغة تثمن مبادرة الرباط تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في منتصف أكتوبر، الذي وصف مبادرة الحكم الذاتي بأنها ”أحد أشكال تقرير المصير المعترف بها من الأمم المتحدة إذا حظيت بتوافق الأطراف”، لم يكن مجرد صياغة كلامية بل فتح بابا دبلوماسيا لا يمكن تجاهله، هذا التغيير في الخطاب لم يأت من فراغ؛ إنه انعكاس لتبدل مصالح واستحقاقات حقيقية لدى الكرملين. 

 

ثانيا الأدلة الاقتصادية والسياسية على تقارب موسكو والرباط باتت علنية وراسخة، الأسبوعان الماضيان شهدا توقيع اتفاقيات جديدة، وعلى رأسها اتفاقية صيد بحرية تسمح لسفن روسية بمزاولة الصيد في المياه الأطلسية المغربية، بما في ذلك مناطق الجنوب، هذه الاتفاقية تفعل أكثر من مجرد ترتيب تجاري إنها تعبير عملي عن قدرة المغرب على فرض إطار سيادته في المجال البحري واستثمار هذا الحق في علاقاته الخارجية بطريقة تترجم قبول خصم دولي بواقع مفاده التعامل مع الرباط يعني الاعتراف بحدود نفوذها البحرية. 

 

ثالثا الأرقام لا تكذب المؤشرات التجارية الأخيرة بين البلدين سجلت ارتفاعا لافتا تجارة بين روسيا والمغرب نمت بما يقارب 30% في النصف الأول من 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، هذا الرقم ليس رقما اقتصاديا بحتا فحسب إنه رسالة استراتيجية مصالح روسية متنامية مع الرباط تجعل من دعم مواقف المغرب في المنابر الدولية خيارا ذا ثمن اقتصادي ملموس لموسكو. 

 

رابعا حسابات الجزائر تترنح الرد الجزائري على التغير الروسي كان متباينا بين تقليل أهمية التصريحات وتفسيرها كمجرد مناورة؛ لكن الوقائع تظهر أنها ليست بريئة تحركات دبلوماسية واقتصادية لجزائر نحو أوكرانيا وشركاء آخرين، إضافة إلى اتصالات عاجلة مع موسكو، تكشف عن قلق حقيقي وانهيار ثقة سابقة في قدرة روسيا على أن تبقى رافدا فعالا لموقفها، المكالمة الهاتفية بين وزير الخارجية الجزائري ونظيره الروسي الأسبوع الماضي تؤكد حالة إنقاذ للروابط وفتح قنوات للحوار، وهو اعتراف بأن المشهد تغير وأن موسكو اليوم أكثر مراهنة على الرباط في ملفات إقليمية معينة. 

 

ما الذي يعنيه كل هذا عمليا لحسابات ”الانتصار المغربي”؟ أولا دعم روسيا أو حتى تليينه لموقف تحفظي قديم يقوي من شرعية المقترح المغربي داخل مجلس الأمن ويضع حواجز أمام أي محاولة لإجهاضه عبر آليات معارضة، ثانيا دخول المصالح الاقتصادية على خط الملف يعطي الرباط قدرة تفاوضية إضافية علاقات تجارية وأمنية مع لاعب كبير مثل روسيا تجعل أي ضغط دولي مضادا مكلفا ومؤلما لجهات كثيرة، ليس أقلها الجزائر التي فقدت معها مرجعية استراتيجية تاريخية، ثالثا مشهد تزايد التحالفات الأوروبية الجديدة مع الرباط ”بعضها أعلن دعمه الضمني لمقترح الحكم الذاتي قبلا” يعزز من إحاطة دولية تدفع نحو تسوية واقعية تقر بالحل المغربي كخيار عملي ومقبول. 

 

لنكن واضحين الحديث عن ”انهيار” موقف الخصوم مبالغ فيه، ولا ننادي بإقصاء أو إذلال لأحد؛ لكن السياسة عملية حسابية للمصالح والحقائق الميدانية والحقائق الآن تشير إلى تآكل أدوات الخصوم الدبلوماسية التقليدية وقدرة الرباط على تحويل عناصر القوة إلى نقاط ضغط سياسية، من مياه الأطلسي إلى مكاتب التبادل التجاري ومقاصد الطيران الدبلوماسي، يثبت المغرب مرة بعد أخرى أنه يترك الأثر العملي قبل التصريحات الرمزية.

 

ختاما إذا كان هناك من يخشى عليه مستقبل القضية فهو أولئك الذين راهنوا على ثبات تحالفات قديمة، التاريخ يعلمنا أن من لا يقرأ علامات الواقع بذكاء، يقع ضحية مفاجآت استراتجية اليوم الأدلة على موضعية الرباط دبلوماسيا واقتصاديا وسياسيا تتكدس أمام الجميع من لغة الدبلوماسية الروسية الجديدة إلى معاهدات الصيد، وصولا إلى أرقام التجارة، وإن كان لروسيا أن تكون مفتاحا لحسم المعركة في نيويورك، فذلك مفتاح وضعه المغرب بعزيمة وسياسة متزنة، فما على مجلس الأمن إلا أن يقرأ الواقع ويقرر علي أساسه.

الاخبار العاجلة