العيون الآن.
حمزة وتاسو / العيون.
في الوقت الذي تعيش فيه الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية حالة من الأمن والاستقرار والتنمية المتسارعة، يواصل النظام الجزائري ومعه ذراعه الإعلامي اختلاق مشاهد «احتجاج» وهمية في مخيمات الرابوني وتندوف، ليقدمها للعالم على أنها حراك داخل الصحراء المغربية، والحقيقة التي لا جدال فيها أن تلك المشاهد لا تقع داخل الجدار الأمني المغربي بل على التراب الجزائري، وتحت أعين وإشراف الأجهزة الأمنية والعسكرية نفسها التي تصوغ كل تفاصيلها.
لقد بات من الواضح أن ما يجري هناك ليس سوى مسرحية مكررة تدار من وراء الستار لتغطية فشل النظام الجزائري في الداخل، وإلهاء الرأي العام الجزائري عن أزماته الاقتصادية والاجتماعية الخانقة، وعن اتساع فجوة الثقة بين السلطة والشعب فكلما اشتدت الأزمات، لجأ النظام إلى اختراع عدو خارجي يعلق عليه إخفاقاته، وكأن استقرار المغرب هو مصدر قلقه الأكبر، لا معاناة مواطنيه الذين يقفون في طوابير الحليب والبطاطس.
أما في الصحراء المغربية فالحقائق تنطق بنفسها المدن تزدهر، المشاريع تتوالى، والبنية التحتية تتوسع من الداخلة إلى العيون إلى بوجدور، هناك دينامية اقتصادية وتنموية تترجم على أرض الواقع الرؤية الملكية الحكيمة لجعل الأقاليم الجنوبية نموذجا في الاستقرار والإقلاع التنموي إن من يزور المنطقة اليوم يرى واقعا مختلفا عن الصورة الباهتة التي تحاول الدعاية الجزائرية رسمها؛ يرى حياة نابضة، ومدنا تتجه بثقة نحو المستقبل، وشعبا مؤمنا بمغربيته أكثر من أي وقت مضى.
إن الآلة الإعلامية الجزائرية التي تحاول تضخيم الأكاذيب وخلق الضباب، تعلم قبل غيرها أن خطابها لم يعد يجد من يصدقه فقد استهلكت كل أدوات التضليل، من الصور المفبركة إلى الشهادات المأجورة، دون أن تستطيع تغيير حقيقة أن الصحراء مغربية أرضا وهوية وتاريخا.
ولعل المفارقة أن النظام الجزائري الذي يدعي الدفاع عن تقرير المصير، يمنع اللاجئين المحتجزين في مخيمات تندوف من أبسط حقوقهم في حرية التنقل والتعبير، محولا تلك المخيمات إلى سجن مفتوح تديره ميليشيات “البوليساريو” بتمويل وتخطيط مباشر من المخابرات الجزائرية.
لقد آن الأوان للمجتمع الدولي أن يدرك أن ما يجري في تندوف ليس قضية تصفية استعمار، بل قضية استغلال سياسي لورقة بشرية تستخدمها الجزائر للابتزاز الإقليمي، فلو كان للنظام الجزائري نية صادقة في دعم السلم والاستقرار، لأطلق حرية أولئك المحتجزين بدل أن يصور معاناتهم على أنها “نضال سياسي”.
إن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الإطار الواقعي والوحيد لحل هذا النزاع المفتعل، وقد حظي باعتراف متزايد من قوى دولية وازنة، لأنه يعكس رؤية ناضجة تجمع بين الوحدة الترابية والتنمية المحلية والمصالحة التاريخية.
أما الجزائر فكلما تجاهلت هذا الواقع، كلما وجدت نفسها أعمق في مستنقع الوهم، فالتاريخ لا يرحم من يتاجر بقضايا الشعوب، والوعي الإقليمي اليوم أكثر نضجا من أن يخدع بصوت الدعاية المرتجف.
إن المغرب ماض في مسيرته بثبات، والصحراء جزء لا يتجزأ من ترابه الوطني، تنبض بالحياة والعمل والبناء بينما يبقى الوهم حبيس الخيام التي لم تعرف سوى الانتظار الطويل والمصير المجهول.











