العيون الآن.
يوسف بوصولة
في تعليقه على الخطاب الملكي السامي، الذي دعا فيه جلالة الملك محمد السادس الحكومة والبرلمان إلى تسريع وتيرة العمل خلال السنة الأخيرة من الولاية التشريعية، يرى الدكتور مولاي بوبكر حمداني، رئيس مركز التفكير الاستراتيجي والدفاع عن الديمقراطية بالعيون، ورئيس هيئة دكاترة العدل بالمغرب، أن الخطاب جاء حاسما في نبرته، واقعيا في مضمونه، واستباقيا في أهدافه، مؤكدا أن هذه التوجيهات تمثل “منعطفا حاسما لاختبار مدى قدرة الحكومة على تحويل الإرادة السياسية إلى إنجاز فعلي”.
يعتبر الدكتور حمداني أن دعوة جلالة الملك إلى التسريع في وتيرة العمل خلال السنة الأخيرة ليست مجرد توجيه إداري بل رؤية استراتيجية، تهدف إلى تجاوز منطق “نهاية الولاية” نحو “مقاربة الإنجاز المكثف”.
وأوضح أن تحقيق هذه الرؤية يمر عبر أربع آليات عملية:
أولاً: تحديد الأولويات القابلة للتنفيذ بدل بعثرة الجهود، مع التركيز على المشاريع ذات الأثر المباشر على حياة المواطنين مثل المستشفيات المحلية ومراكز القرب.
ثانيا: التسريع التشريعي عبر مصادقة البرلمان على القوانين التنظيمية المتعلقة بالتنمية الترابية والاستثمار، مع إمكانية عقد دورات استثنائية عند الضرورة.
ثالثا: تفعيل لجان القيادة الوزارية (Task Forces) لمتابعة المشاريع الكبرى أسبوعيا وتجاوز البيروقراطية الإدارية.
رابعا: تخصيص اعتمادات مالية محصنة لضمان استمرارية المشاريع ذات البعد الاجتماعي والاقتصادي وعدم تأثرها بالقيود الظرفية.
يرى الدكتور حمداني أن محاربة إضاعة الوقت والجهد كما ورد في الخطاب الملكي تعني عمليا الانتقال من الرقابة التقليدية إلى الحكامة الرقمية الاستباقية.
واقترح في هذا السياق إنشاء منصات رقمية موحدة لتتبع المشاريع العمومية، تتيح للمسؤولين والمواطنين مراقبة نسب الإنجاز والميزانيات بشكل شفاف، ما يجعل من الشفافية رادعا حقيقيا للهدر.
كما دعا إلى إحداث وحدات لتقييم الأداء داخل الوزارات وربط نتائجها بالمسار المهني للمسؤولين، إضافة إلى تبسيط ورقمنة المساطر الإدارية كآلية وقائية ضد التعثر والفساد.
وأشار الدكتور إلى أن هذا التوجه الملكي يتقاطع مع انتظارات جيل Z، الذي لا يكتفي برفع الشعارات بل يطالب بالفعالية والنتائج الملموسة، مؤكدا أن الحكامة الرقمية هي اللغة التي يفهمها هذا الجيل وتعيد بناء الثقة بينه وبين المؤسسات.
أما بخصوص قدرة الحكومة الحالية على وضع اللبنات الأساسية للمشاريع الوطنية الثلاثة التي أشار إليها جلالة الملك، فيؤكد الدكتور حمداني أن ذلك ممكن في إطار مبدأ استمرارية الدولة والمرفق العام.
ويضيف أن على الحكومة أن تركز على: وضع الأطر القانونية والتنظيمية التي ستؤطر السياسات المندمجة. وإعداد الدراسات التقنية والمالية ووضع مخططات دقيقة بأهداف قابلة للقياس. بالاضافة إلى إطلاق مشاريع نموذجية (Pilot Projects) في مناطق جبلية وساحلية وقروية لتكون نماذج عملية للتنفيذ الميداني.
وفي ختام حديثه، يرى رئيس مركز التفكير الاستراتيجي أن الخطاب الملكي ليس “فرصة أخيرة” بل “فرصة حاسمة”، لأنه يشكّل اختباراً لمصداقية الحكومة في تحويل التوجيهات الملكية إلى واقع ملموس.
فهو حسب تعبيره يحدد الإرث السياسي للحكومة: “إما أن تذكر كحكومة اشتغلت حتى اللحظة الأخيرة، أو كحكومة استسلمت لمنطق تصريف الأعمال”.
ويضيف أن استجابة الحكومة السريعة والفعالة لمضامين الخطاب ستشكل أفضل خاتمة لولايتها، لأنها تعني الانتقال من منطق التبرير إلى منطق الأثر، ومن خطاب الوعود إلى منجزات تلمس في حياة المواطنين.











