اتفاقية استثمار مرتقبة بين المغرب وروسيا تعزز الشراكة الاقتصادية وتوسع النفوذ الروسي في إفريقيا

محرر مقالات11 أكتوبر 2025
اتفاقية استثمار مرتقبة بين المغرب وروسيا تعزز الشراكة الاقتصادية وتوسع النفوذ الروسي في إفريقيا

العيون الآن.

 

تستعد روسيا والمغرب لتوقيع اتفاقية ثنائية لحماية وتشجيع الاستثمارات، في خطوة جديدة تعكس رغبة موسكو في توسيع حضورها الاقتصادي داخل القارة الإفريقية وتنويع شراكاتها التجارية خارج إطارها التقليدي. وتأتي هذه الخطوة بعد أن وقّعت روسيا اتفاقيات مماثلة مع ست دول إفريقية أخرى.

 

وحسب الموقع الرسمي لوزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فإن هذه الاتفاقية تدخل ضمن خطة شاملة تهدف إلى مضاعفة حجم التبادل التجاري مع القارة الإفريقية بحلول عام 2030، في إطار سياسة روسية جديدة تروم تحقيق توازن في العلاقات الاقتصادية عبر مختلف مناطق القارة.

 

وقال بافل كالميتشيك، مدير إدارة تطوير التعاون الثنائي بالوزارة الروسية، إن إفريقيا تُعد من أكثر المناطق الواعدة اقتصاديًا في العالم، مشيرًا إلى أن روسيا ترى في القارة “شريكًا طبيعيًا” في مجالي التجارة والاستثمار.

 

وأوضح المسؤول أن موسكو تعمل حاليًا على إبرام سلسلة من اتفاقيات حماية الاستثمارات مع عدد من الدول الإفريقية، من بينها المغرب والكونغو ومالي ونيجيريا وتنزانيا وبوركينا فاسو، مؤكداً أن هذه الاتفاقيات ستوفر بيئة قانونية آمنة للمستثمرين وتشجع إطلاق مشاريع مشتركة في مجالات متعددة.

 

ووفق معطيات وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، بلغ حجم المبادلات التجارية بين روسيا وإفريقيا أكثر من 27 مليار دولار سنة 2024، تستحوذ دول شمال إفريقيا على نحو 70% منها، وهو ما يدفع موسكو إلى توسيع تعاملاتها جنوب القارة لتحقيق توازن اقتصادي أكبر.

 

المغرب شريك زراعي بارز في السوق الروسية

 

شهدت العلاقات الاقتصادية بين المغرب وروسيا تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً في المجالين الزراعي والغذائي. فقد كشفت بيانات رسمية روسية أن المغرب بات من أبرز المورّدين الرئيسيين للفواكه والتوت إلى السوق الروسية خلال عام 2025.

 

ووفق أرقام الهيئة الفيدرالية الروسية “Rosselkhoznadzor”، استوردت روسيا منذ فاتح يناير إلى غاية 8 غشت 2025 نحو 1.3 مليون طن من الفواكه والخضروات عبر موانئ سانت بطرسبورغ ومقاطعة لينينغراد، بزيادة 8% مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.

 

وتصدّر الموز قائمة الواردات بـ837 ألف طن، تليه الكمثرى والمندرين، فيما واصل المغرب، إلى جانب دول كجنوب إفريقيا ومصر وتشيلي والبرازيل، تعزيز موقعه داخل السوق الروسية.

 

أما على مستوى الخضروات، فقد بلغت الواردات الروسية 25,500 طن، شملت البطاطس والجزر والملفوف والثوم والشمندر، قادمة أساساً من بيلاروسيا ومصر وباكستان والصين.

 

قفزة في الصادرات الروسية نحو المغرب

 

بالمقابل، ارتفعت الصادرات الروسية نحو المغرب بشكل غير مسبوق، حيث أظهرت بيانات المركز الفيدرالي الروسي “Agroexport” أن قيمة الصادرات الزراعية الروسية إلى المغرب تضاعفت ثلاث مرات خلال سنة 2024 لتصل إلى 280 مليون دولار.

 

وكان القمح المحرك الرئيسي لهذا النمو، إذ ارتفعت قيمته بمعدل 3.4 مرات مقارنة بعام 2023، بعدما صدّرت روسيا أكثر من مليون طن من القمح إلى المغرب. كما استأنف المغرب استيراد زيت دوار الشمس الروسي بعد توقف دام خمس سنوات، إلى جانب منتجات الأعلاف (الكُسْب) التي عادت للسوق المغربية لأول مرة منذ 2015.

 

ويتوقع خبراء “أغرو إيكسبورت” أن ترتفع قيمة الصادرات الروسية نحو المغرب إلى 350 مليون دولار في المستقبل القريب، ما يعكس متانة العلاقات التجارية بين البلدين وتوسعها نحو آفاق جديدة.

 

شراكة متينة في ظل مناخ سياسي إيجابي

 

وتأتي هذه الدينامية الاقتصادية في ظل مناخ سياسي إيجابي بين الرباط وموسكو. فقد أشاد السفير الروسي بالمغرب، فلاديمير بايباكوف، في تصريحات له نهاية عام 2023، بموقف المغرب “المتزن” من الحرب الروسية الأوكرانية، مؤكداً أن بلاده “تُقدّر عالياً” هذا الموقف.

 

وقال بايباكوف إن العلاقات بين البلدين “تتسم بطابع خاص”، وقد ترسخت بفضل الاتفاقيات التي وقّعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والملك محمد السادس سنة 2016، مشدداً على أن هذه العلاقات أثبتت قدرتها على الصمود أمام مختلف الأزمات والتقلبات الدولية.

 

ويُتوقع أن يشكل توقيع اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات بين المغرب وروسيا دفعة جديدة للتعاون الثنائي، خصوصاً في مجالات الفلاحة والطاقة والنقل والتبادل التجاري، بما يعزز مكانة المغرب كجسر اقتصادي بين روسيا وإفريقيا.

 

 

 

الاخبار العاجلة