الهيدروجين الأخضر.. كيف يستفيد المغرب من ثورة الطاقة النظيفة؟

محرر مقالات15 فبراير 2025
الهيدروجين الأخضر.. كيف يستفيد المغرب من ثورة الطاقة النظيفة؟

العيون الأن.

يوسف بوصولة / العيون.

من وسط صحرائه التي تعانق الشمس طيلة السنة، ومن مزارع رياحه التي لا تهدأ يخطو المغرب بثقة نحو مستقبل الطاقة النظيفة، مستثمرا موارده الطبيعية وموقعه الاستراتيجي ليصبح أحد الرواد العالميين في صناعة الهيدروجين الأخضر. فكيف سيستفيد المغرب من هذه الطفرة الطاقية؟ وما الذي يجعله محط اهتمام كبرى القوى الاقتصادية في العالم؟

 

يسير المغرب بخطى ثابتة في تطوير الهيدروجين الأخضر، إذ خصصت الحكومة مليون هكتار من العقارات العمومية لهذا المشروع، منها 300 ألف هكتار متاحة في المرحلة الأولى للمستثمرين. هذا التوجه يعزز موقع المملكة كفاعل رئيسي في إعادة تشكيل خارطة الطاقة العالمية، حيث يراهن على إنتاج الأمونيا الخضراء والوقود الاصطناعي والميثانول، وهي منتجات حيوية ستغير قواعد اللعبة في مجال الصناعة والطاقة.

 

لم يكن اختيار المغرب شريكا استراتيجيا لألمانيا في قطاع الهيدروجين الأخضر مصادفة، فقد أعلنت وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية عن استثمار كبير عبر صندوق تطوير تقنيات تحويل الطاقة، لدعم إنتاج الهيدروجين الأخضر وتطوير صناعة الأسمدة المستدامة. وخصصت برلين 30 مليون يورو لدعم محطة إنتاج الهيدروجين الأخضر بمنطقة الجرف، جنوب الدار البيضاء، وهي المحطة التي ستعتمد على الكهرباء المنتجة من الطاقات المتجددة.

 

ضمن رؤيته الطاقية الطموحة، يعمل المغرب على إنشاء محطة ضخمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في الأقاليم الجنوبية، التي تتمتع بموارد طبيعية هائلة من الرياح والطاقة الشمسية، مما يجعلها موقعا مثاليا لاستضافة واحدة من أكبر محطات الهيدروجين الأخضر في إفريقيا.

 

والسؤال المطروح، لماذا الأقاليم الجنوبية؟

 

توفر الاقاليم الجنوبية موارد طاقة متجددة هائلة تضمن إنتاجا مستداما للهيدروجين الأخضر. علاوة عن موقعها الاستراتيجي الذي يجعلها نقطة تصدير رئيسية إلى أوروبا وإفريقيا. كما ستدعم هذه المحطة التنمية الاقتصادية في الأقاليم الجنوبية عبر توفير فرص عمل في قطاع الطاقة المتجددة.

 

على المستوى الاقتصادي سيستفيد المغرب من جذب استثمارات بمليارات اليوروهات في قطاع الطاقة النظيفة. و تحويل المغرب إلى مركز عالمي لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر، خصوصا إلى أوروبا. بالاضافة الي تطوير سلاسل قيمة جديدة، مما يخلق فرص عمل في مجالات التكنولوجيا المتقدمة. وتعزيز صناعة الأسمدة المستدامة وتقليل الاعتماد على الواردات التقليدية المعتمدة على الوقود الأحفوري.

 

اما على المستوى البيئي ستحقق المملكة عدة مكتسابات بحيث سيتم خفض الانبعاثات الكربونية المرتبطة بإنتاج الأسمدة والطاقة. ناهيك عن دعم التحول الطاقي في المغرب، الذي يطمح إلى رفع نسبة الطاقات المتجددة إلى 52% بحلول 2030. و تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتحقيق استقلالية طاقية أكبر للمملكة.

 

ما يميز المغرب في هذا السباق العالمي، ليس فقط موارده الطبيعية، بل أيضا بنيته التحتية المتقدمة والتزامه بالمعايير البيئية الدولية. فمع استثمارات ضخمة في الطاقة الشمسية والريحية وشراكات قوية مع دول رائدة مثل ألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي، بات المغرب جاهزا ليصبح أحد المزودين الأساسيين للهيدروجين الأخضر في العالم.

 

التحولات التي يشهدها قطاع الطاقة في المغرب ليست مجرد مشاريع استثمارية، بل هي رؤية استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تحقيق الاستقلال الطاقي وتعزيز النمو الاقتصادي عبر الطاقات النظيفة ومع تسارع المشاريع الطموحة يبقى السؤال: هل سينجح المغرب في فرض نفسه كمصدر أساسي للهيدروجين الأخضر في السوق العالمية؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف الإجابة.

Breaking News