العيون الان
بقلم : الخليفة بويان
تتعدد الأسباب و الموت واحد، و تتعد د ” الأرزاق” و المصير واحد، و يا ريت كان المصير الذي أوهمونا به و أوهمو به أبائنا المساكين منذ عشرات السنين، فالحال كما هو ولم يتغير شيئ ما عدى عناونين “الصحف الصفراء” كانت تقول “عاجل” و اليوم تقول “حصري”، فأنا مثلا و أعوذ بالله من كلمة أنا ، أكتب لكم هذه الاحرف طبعا و أنا ميت، دفنت بمقبرة جماعية يوم ميلادي في الثمانينات بحي من احياء الگصبة بگليميم، وحين بلغت سن الثمانية عشر في قبري بهذه المقبرة زارنا ذات يوم أحد المحسنين قال لنا بأنه جاء من “بر الأمان” و يدعى ” بر الأماني” أو “البرلماني”و قال “للموتى” بأن حياتنا ستتغير عما قريب و سيحصل كل ميت منا على قبره “الخاص” من نوع “سانك ايطوال” سننعم بحياة الرفاهية، لم تمضي سوى أيام قليلة على زيارته حتى دفن هو الأخر معنا بالمقبرة.. سألنا عن ما حدث فأجابنا “العساس” أنها “الأنتخابات” ترشح في الانتخابات برمز “الوردة” وطار بالمنصب مرشح أخر رمزه “الحمامة”فقلنا بصوت واحد “لو كان الخوخ اداوي اعود داوا راسو”…
حين تقرأ رواية”أسطورة الموتى الأحياء” للاديب المصري أحمد خالق توفيق ستعرف بأن ما جاء في هذه الرواية هو “كوبي كولي” لـ ” أيسطوار اهل وادنون “أهل وادنون الذين لا يحركون ساكنا، يقتلهم التهميش صامتون ، تقتلهم البطالة صامتون تقتلهم المخدرات صامتون تقتلهم الحقرة صامتون تقتلهم الفياضنات مجرد مقابر جماعية، و اسمحولي ان حرفت المقولة التي تقول “اذا أردت قدرة الخلود لأنسان سخرته لخدمة الجماهير” ففي مثل حالنا فوادنون نقول “اذا أرادت الدولة دفن أحد المسؤوليين سخرته لدفن الوادنونين وكم من والي وعامل وووووووووووو……..
و بالرغم من تنوع الكفاءات و الطاقات البشرية الا ان مصيرنا واحد و نظرة الأخرين لنا واحدة، مصيرنا اما “الشتات” او “الموت”، الموت حق لكن بأي ذنب نقتل أحياءا؟ و بأي ذنب نعيش شتاتا و نحن أهل الحق؟…اتذكر ومضات من طفولتي ولن أقول عنها مشئومة ولو أنني عشتها “ميت” الا انها كانت في “زمن” الرجال الذين لن يعيدهم التاريخ لكم يا اجيال، أتذكر قلت ذات مساء من زمننا الجميل كان أحدهم يفزعنا ونحن صغار بأصوات غريبة و نظن نحن بأنه صوت “غوول” و تقول له جدتي رحمها الله ” أمشي…فعلك يلقاك”…هم اليوم يفزعوننا في قبورنا و أقول لهم جميعا “أمشوو… فعلكم يلقاكم”…….
حين أجابنا “العساس” بذلك الجواب لم يكن جوابه “أضحوكة”، بل هو نفس الجواب عند جميع “عساسة المقابر” و حين يقول لك أحدهم بأن “الموت بيد الله” فقل له أن “بيد الله” كان وزيرا للصحة و سياسي في الأصالة و المعاصرة و أجابه عساس المقبرة بنفس الجواب فالموت “أشبه فيه” من حياة لا أصالة فيها ولا معاصرة……
و في ختام كلماتي اتمنى أن لا تقول لي يا صديقي بأن المقابر “حرمة الله” فحرمة الله كان هو الأخر برلماني عن حزب الميزان، اما الدولة العميقة هي على ما أظن تختار الاشخاص حسب وزنهم في “ابادتنا”فلا تقلقو جميعا يا شعب “الفاسديين” ستلاحقكم أرواحكم و ستدفنون في أخر المطاف معنا في نفس “المقبرة”وعندها يكون الحساب مع رب العالمين هو القادر على كل شبء
الخليفة