العيون الان
بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان وبشراكة مع المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية وجمعية تنمية التعاون المدرسي ، فرع طانطان، و جمعية الاوراش الصحراوية للصحافة و التواصل و المنظمة الديمقراطية للتعليم نظم نادي العلوم بإعدادية النهضة طانطان بالمركب التربوي مساء اليوم الجمعة 15 دجنبر 2017 ندوة تربوية تحت عنوان ” دور الأسرة والمدرسة في إرساء قيم المواطنة وحقوق الإنسان “. الندوة شارك في أشغالها المدير الإقليمي لوزارة التّربية الوطنية بطانطان ونقابيون و نشطاء حقوقيون و إعلاميون و تلاميذ وفاعلين في المجتمع المدني وممثل عن أباء وأولياء التلاميذ وسير هذا النشاط التربوي الأستاذ سعيد السباك استاذ مادة علوم الحياة والأرض و منسق نادي العلوم .
الندوة كانت مناسبة استحضر فيها محمد أجود النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية في كلمته بعد التنويه بهذه المبادرة الفكرية بالدور المركزي للمؤسسة التعليمية كمنطلق لكل إصلاح تربوي ، وجعل التلميذ و الفصل الدراسي و المؤسسة التعليمية إلى جانب الأسرة آلية من آليات ترسيخ ثقافة المواطنة وحقوق الإنسان. ثم كانت كلمة للأستاذ حسن بوطوبة رئيس جمعية تنمية التعاون المدرسي فرع طانطان قال فيها أن القيم الدخيلة استهدفت الأسرة المغربية و غرست فيها روح الفردانية ، ليرتكز المجتمع على ماهو ” نقدي ” أي العُملات المعدنيّة والورقيّة التي تحمل قيمةً مالية ، ومن ثم تم اغتيال كل القيم التكافلية و التضامنية ، و مصادرة ثقافة الحوار لينتقل هذا الداء حسب ذات المتدخل إلى المدرسة ، و تظهر في المجتمع حالات متعددة للمشردين و الأمهات العازبات و تسجل حالات مرتفعة للاغتصاب و العنف الأسري.. ولكن الأصحّ حسب الأستاذ حسن بوطوبة هو مكافحة هذه القيم الدخيلة حتى يتسنى للتلميذ تنزيل ما يحصل عليه من تحصيل دراسي و ما يحمله من قيم سامية في الواقع . وختم مداخلته بان الحاجة اليوم إلى قدوة أب في البيت ومعلم مربي الأجيال ونشر ثقافة الحب و الإنسانية وطالب بالاستماع للتلميذ فكل الضغوطات النفسية تصنع الإجرام المفاجئ . أما مداخلة ممثل الأساتذة عبد الهادي بوصبيع فوقفت على ضرورة التركيز على الأنشطة الموازية بعيدا عن أجواء الدرس ، مشيراً إلى أهمية هذه الندوة بعد المشاهد المؤسفة التي يندى لها الجبين ، مشدداً على أن عدد كبير من جمعيات الآباء في المؤسسات التعليمية في وضعية غير قانونية بطانطان. وطالب بإجراء تدريب للمقبلين على الزواج لأداء الوظيفة الاجتماعية . وتميزت الندوة بمداخلة من إعداد وتقديم التلميذة المتألقة سناء علال ، التي بالمناسبة تشغل منسقة نادي العلوم بإعدادية النهضة . هذا وقدم الأستاذ بلعيد أطويف رئيس مكتب الشؤون القانونية و المنازعات في المديرية الإقليمية للتعليم بطانطان عرض شرح فيه مفهوم العنف الصادر عن الفرد أو المؤسسات و ميز بين العنف الأسري و العنف العائلي ، إلى جانب العنف القانوني الذي يجدا سندا في التشريعات المحلية ليخلق أثار نفسية واجتماعية خطيرة . ووقف المتدخل على أشكال العنف في الوسط المدرسي من تحرش جنسي و اغتصاب و السب و الشتم .. وفي سياق هذه الندوة الناجحة على كافة الأصعدة تدخل ياسين الساحي أستاذ مادة الفلسفة بثانوية ابن بطوطة ، الذي أكد أن القيم لها تاريخها و هي مرتبطة بوجود الإنسان على وجه الأرض ، وهي تكرس مفهوم التنمية الإنسانية و ليس التنمية الإسمنتية ، حسب تعبيره ، وطرح مجموعة من الإشكاليات من قبيل ، ما معنى القيم ، وماهي أنواعها ، و المقصود بالتربية على القيم ، وماهي قيم التربية ؟ وما المقصود بالأسرة و ماهي وظائفها و أدوراها وماهو الثابت و المتحول في الأسرة ، وكيف يمكن أن نحافظ على وظائفها في ظل كل هذه الفيروسات ؟ و هل المدرسة دورها ترسيخ القيم أو تخريبها ، وماهي القيم التي تمرر عبر المدرسة ؟ هذه عينة من الأسئلة وغيرها، التي طرحها الأستاذ ياسين الساحي ليعرف القيم في مجموعة من المثل و القواعد و المبادئ التي توجه سلوك الناس ، وابرز المتدخل أن الحديث هنا عن واقع يجب أن يتوفر في السلوك الإنساني من فضائل ، وميز في ذات المداخلة بين قيم منقولة و قيم عقلانية . وأشار ذات المتدخل أننا نعيش اليوم مرحلة جديدة انتقلنا فيها من “الأسرة الممتدة ” بنظامها الاجتماعي و الاقتصادي إلى “الأسرة النووية” وما يرافقها من نظام تحديد النسل وتعقيدات متلاحقة . وأضاف أستاذ مادة الفلسفة أن الأسرة قد تقوم على قرابة ثقافية كالطلبة نموذجاً ، ولكن يمكن تحديها في مجموعة من الأفراد الذين تربطهم مجموعة من القيم و القواعد و المبادئ ، و الوظيفة الأولى للأسرة هي وظيفة بيولوجية هي مدرسة لشرعنة الجنس ، ولكن هي مؤسسة و فضاء يحافظ على السلم النفسي و الروحي للطفل و تلبي حاجياته لكي يكون أكثر اندماجا في المجتمع. ووقف المتدخل على التناقص بين ما يلقن في المدرسة و ما تروج له الثقافة الشعبية بعدما تبيّن أن التلميذ يدرس في المدرسة التفكير العقلاني وتعالجه أمه عند مرضه بالأسطورة و الخرافات .. وزاد الأستاذ أن التلميذ يدرس ثقافة المشاركة و العمل الجماعي في المدرسة و يسمع دائما مثل من قبيل ” كل واحد اينش على كبالتوا ” و أكثر من ذلك من ذلك يلقن التلميذ النشيد الوطني ، ويتردد على مسامعه في الشارع ” دولة كحلة “.. أما أوس رشيد رئيس جمعية الاوراش الصحراوية للصحافة و التواصل فأكد أن مشاهد العنف داخل حجرة الدراسة شكلت درساً قاسياً للمنظومة التعليمية التي أعلنت بشكل غير مباشر عن إفلاسها القيمي ، وزاد بان العنف المدرسي المروّع طرح إشكال حول دور الأسرة التي لازالت قابعة في متاهات مدونة الأحوال الشخصية التي جعلت داخل كل أسرة قائدين بأفكار مختلفة ، بدلاً من أسرة مستقرة تنتج جيل المواطنة و حقوق الإنسان.
و أضاف أن نسب الطلاق السنوية نموذجاً حياً لازمة تعيشها في صمت الأسرة المغربية اليوم وخصوصاً أن هذه الأسرة لا تتوفر على دخل قار ، وبالنسبة لإقليم طانطان أشار نفس المتحدث أن بعض الأسر تعيش ببطاقة إنعاش وطني وبمجرد ولوج الأب للسجن تسحب بطاقة الإنعاش لوجهة مجهولة وتترك العائلة في الشارع وهذا ما يشجع على الهدر المدرسي و اغتيال روح المواطنة في نفوس الناشئة. وطالب رئيس الجمعية ببناء خطة وطنية شاملة لإصلاح قطاع التعليم تمتد لسنوات و العمل على رد الاعتبار لصورة الأستاذ في المخيال الشعبي وفي ذات الوقت عدم مسح الإخفاقات التعليمية في التلميذ . وختم مداخلته بالتذكير أن الجيل الحالي ليس بجيل الحركة الوطنية و لا جيل جيش التحرير ولكن جيل التكنولوجيا و الفيس بوك و له أولوياته . هذا وبأشدّ الكلمات الطيبة قدم الاستاذ عبد الله بوبريك الكاتب المحلي للمنظمة الديمقراطية للتعليم الشكر للمدير الإقليمي للتعليم على دعمه لتنظيم اللقاء في المركب التربوي وقدم الشكر لجمعية تنمية التعاون المدرسي – فرع طانطان – و جمعية الاوراش الصحراوية للصحافة و التواصل و نادي العلوم بإعدادية النهضة طانطان. واستنكر في نفس الوقت السلوك الغير مسؤول لمدير إعدادية النهضة الذي تنصل من التزاماته وهذا جانب مرتبط بحقوق الإنسان حسب الأستاذ عبد الله بوبريك الذي وقف في مداخلته على مجموعة من الحقوق المكتسبة للتلاميذ ومنها الحق في التعلم و الإنصاف و إبداء الرأي و المعاملة الحسنة و الرعاية الصحية و المشاركة في الأنشطة و الحق في اللاعب و الترفيه و الحق في الحماية ..وزاد عبد الله بوبريك بأن الحقوق لاتنتهي ولكن في النهاية يجب أن تضمن إحساس التلميذ و التلميذات بالكرامة الإنسانية المحفوظة في القران الكريم و القوانين الكونية وهنا يكمن إخراج مواطن صالح من المدرسة إلى المجتمع . وختم مداخلته بان كل إنسان في كل مؤسسة معني بإصلاح المدرسة . وفي مداخلة باسم جمعيات الآباء و أولياء التلاميذ قال عبد الصمد الكيوازي أن المواطنة تكفل كل الحقوق بما فيها الحق في الحياة و الحق في التعبير و الرأي ، واعتبر الندوة وغيرها من الأنشطة التربوية الهادفة هي السبيل الوحيد لنشر ثقافة المواطنة و حقوق الإنسان و ضمان استقرار القيم السمحة و التصدي للهجمة الشرسة للأفكار الغربية الدخيلة و المدمرة للأسرة المغربية . وانتهت هذه الندوة الناجحة الأولى من نوعها خلال هذا الموسم الدراسي بحفل شاي و التقاط صورة جماعية .