كلمة السيد الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب في اختتام الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية العاشرة

مدير الموقع11 فبراير 2020
كلمة السيد الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب في اختتام الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية العاشرة

العيون الان

كلمة السيد الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب
في اختتام الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية العاشرة

مجلس النواب-11 فبراير 2020

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

السيدات والسادة الوزراء
السيدات والسادة النواب
السيدات والسادة،
طبقاً للدستور، وعملا بأحكام النظام الداخلي للمجلس، وجَرْياً على تقاليدنا البرلمانية الوطنية نَخْتَتِمُ الدورةَ التشريعية الأولى من السنة التشريعية 2020-2019، دَوْرَةٌ ولئِنْ كانتْ عاديةً من حيثُ إطارُها وسياقُها الدستوري، فإن السياق السياسي والاجتماعي والاقتصادي الوطني الذي حَكَمَهَا يُعتبرُ استثنائياً. فقد انطلقت بالخطاب السامي الذي وَجَّهَهُ جلالة الملك محمد السادس أعزَّه الله إلى الأمة بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية يوم 11 أكتوبر 2019 والذي يعتبر بالنسبة إلينا في المجلس مصدرَ توجيهاتٍ نسترشدُ بها ، ونحنُ نمارسُ اختصاصاتِنا الدستورية.
ويُعتبرُ السياقُ الوطني لهذه الدورة استثنائياً، أيضا، لأنه اتَّسَمَ بديناميةٍ خاصة يمكن اعتبارُها حلقةً أولى في المرحلة الجديدة التي تَلِجُهَا بلادُنَا والتي حَدَّدَ جلالة الملك في الذكرى العشرين لاعتلاء جلالته عرش أسلافه المنعمين مُقَوِّمَاتِها وَمَعَالِـمها والتحديات والرهانات التي تَطْرَحُها والتي يَتَعَيَّنُ كسْبُها، والإصلاحات الواجبِ اعتمادُها، والوسائل الضَّرُورِي توفُّرُها لتَيْسِيرِ نجَاحِها.
في هذا الأفق، تَابَعْنَا في مجلس النواب، الحرص الملكي على الإعْمَال الفَوْرِي لدعوةِ جلالته القطاعَ البنكي الوطني لتمويل الاستثمار ودعم الأنشطة المنتجة والمدرة للدخل والشغل؛ بالتوقيع على الاتفاقيات المتعلقة بالبرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات، وهو البرنامج الذي أَطْلَقَ آمالاً كبرى لدى مختلفِ شرائحِ المجتمع المغربي، وبالخصوص فئات الشباب الراغبين في دخولِ عالم الأعمال. وبالتأكيد، فإن الرهانَ على الشباب هو رهانٌ على المستقبل، وعلى الثروة المغربية الحقيقية التي ينبغي الاعتمادُ عليها، والبرنامج هو بِمَثَابَةِ أوراشٍ تزرعُ الأملَ في أوساط شبابنا، خاصة وأنه يَسْتَحْضِرُ عدة أبْعَادٍ وخصوصيات مجالية وقطاعية، كما يُنَوِّعُ من الاستهداف، ومن مصادر وآليات التمويل بقروض جد مُيَسَّرَة، في تجسيدٍ مُؤَسَّسَاتِيٍّ للشَّرَاكة بين القطاعين العام والخاص.
وفضلاً عن الآمال التي يَبْعَثُها إطلاقُ البرنامج في المجتمع، فإن الحرصَ الـمَلَكِي على تحديدِ الْتِزَامِ كل طرف بما في ذلك الحكومة وبنك المغرب، والأبناك ومؤسسات أخرى، والتعبئة غير المسبوقة للقطاع البنكي المغربي، من شأن كل ذلك ، أن يَضُخَّ نفساً جديداً في الاستثمار، و في تأهيل المقاولات، وفي إحداث أخرى جديدة، وخلق فرص شغل جديدة. وبالتأكيد، سيخلق ثقافةً جديدةً في عالم الاستثمارِ والإنتاج والتجارة والخدمات، مِمَّا يجعلُنا بالفعلِ أمامَ مشروعٍ وَطَنِيٍ طمُوحٍ لمحاربة العَطَالَة ولتشجيع المبادرة الخاصة.
وبِحُكْمِ وأبْعَادِه، وحَجْمِه، يُطَوِّقُنَا هذا البرنامج، ضمن ما تَسْتَلْزِمُه مِنَّا المرحلةُ الجديدة، نحن في مجلس النواب، بعدةِ مسؤولياتٍ، تتجلى أولا في الحرص على مراقبة وتتبع ومواكبة التنفيذ، و ثانيا في الحرص على تطبيق القوانين بإصدارِ النصوص التنظيمية واعتمادِ الإجراءات المُتَّفَقِ عليها، و ثالثا في توفيرِ المناخ السليم للاستثمار من خلال اعتمادِ التشريعاتِ الضرورية لتأطيرِ الدينامية الاقتصادية والاجتماعية الجديدة ومُتَطَلَّبَاتِها.
في هذا السياق، نَظَّمَ مجلس النواب يوم 29 يناير 2020 تحت الرعاية السامية لجلالة الملك، ندوة وطنية في موضوع “تمويل الاقتصاد الوطني: نحو تنمية إدماجية”، شكلت إطاراً لحوارٍ وطني هادف ورَصِينٍ، ومن مستوى عال بين البرلمان والحكومة، ممثلةً في وزارة الاقتصاد والمالية، وسلطة النقد ممثلةً في بنك المغرب والأبناك الوطنية تُوِّجَ بتوصياتٍ والْتِزَامَاتٍ مُتَبَادَلَةِ وخلاصاتٍ، سنحرصُ على تنفيذِها، و على التفاعل بشأن ما ينبغي لكل سلطة أو طرف أو قطاع القيام به على أساس احترام الاختصاصات والوظائف.
في هذا الأفق يندرجُ أيضا جزءٌ أساسيٌ من حصيلة المجلسِ التشريعية بِرَسْمِ دورةِ أكتوبر، إذْ صادقنا على نصوص تتعلقُ بتوفيرِ مناخ الاستثمار، وتعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني. ويتعلقُ الأمرُ بقانون تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، ومشروع قانون بشأن التمويل التعاوني، ومشروع قانون يُتَمِّمُ وَيُغَيِّرُ قانون عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وآخَرَ بتغييرِ وتتميمِ القانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية، ومشروع قانون بمثابة ميثاق المرافق العمومية. وتنضافُ هذه النصوص إلى ما تضمنه قانون المالية من إجراءات تتوخى تَيْسِيرَ وتمويلَ الاستثمارات ودعم المقاولات الصغرى والصغيرة والمتوسطة، وبالتجديد إحداث صندوق دعم وتمويل المبادرة المقاولاتية الذي رصدت له ستة (06) ملايير درهم على مدى ثلاث سنوات.
وإذا كان قانون المالية، كما هي العادة، قد أخذ الحَيِّـزَ الأكبر من أشغال المجلس التشريعية، فإن إنتاجنا التشريعي في مجالات أخرى كان مهما من حيث العدد ومن حيث النوع، إذ صادقنا على 35 مشروع نص منها مقترح قانون واحد، وأربعة وثلاثون (34) مشروع قانون تغطي مختلف القطاعات والأنشطة، أذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، مشروع قانون بتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون الـمُنْشَأَةِ بمُوجَبِهِ حدودُ المياه الإقليمية، وآخر بتغيير وتتميم القانون الـمُنْشَأَةِ بمُوجَبِه منطقةٌ اقتصاديةٌ خالصةٌ على مسافةِ مائتيْ ميل بحري عَرْضَ الشواطئ.
وَيْكْتَسِي هَذَانِ النَّصَانِ أهميةً خاصة إذ يُكَرِّسَانِ النهجَ السِّيَادِيِّ المشروع للمملكة وتحيينا للترسانة القانونية الوطنية في حمايةِ مَجَالِنَا البحري وِفْقَ ما تكْفُلُه الشرعية الدولية والقانون الدولي وقانون البحار والأعراف الدولية. وإِنَّ مِمَّا يزيدُ من أهمية هَذَيْنِ النَّصَّيْنِ، اتِّسَاعُ مجالِنَا البحري الممتد على طول 3500 كلم موزعَةٍ على واجِهَتَين بحريتين متوسطية وأطلسية، والمخاطر الـمُحدقة بهذا المجال من أعمال تلويثٍ وصيدٍ غير مشروع واستنزافٍ واعتداءٍ على الثروات البحرية التي تزداد أهميتها الجيوسياسية في السياق الدولي الراهن. ومرة أخرى ينبغي أن نُثْنِيَ ونَفتخرَ بالإجماعِ الحاصلِ حول هذين النصين.
وفي ما يخص مراقبة العمل الحكومي، شكلت جلسات الأسئلة الشفوية مناسبةً للحوار بين السلطتين التشريعية والتنفيذية حول سياساتٍ عمومية أُفقية وقطاعية، تناولت الجلسات الأربع التي أجابَ خلالَها السيد رئيسُ الحكومةٍ على أسئلةِ أعضاءِ المجلس خَمْسَ سياساتٍ عمومية اكْتَسَتِ الأسئلةُ بشأنِهَا راهنيةً كبرى، منها السياسة المائية، وتسريع التصنيع ومناخ الأعمال، وتنمية المناطق النائية وأولويات العمل الحكومي والتدخلات العمومية خلال ما تبقى من الولاية، وخلصت المناقشات حولها الى التعرف بتفصيل عن المنجز فيها، وتشخيصِ العجز والتعرف على الإجراءات التي سَتُتَّخَذُ لتَدَارُكِهِ.
وأجاب أعضاء الحكومة خلال الإِثْنَتَيْ عَشَر جلسة المخصصة للأسئلة الشفوية الأسبوعية التي انعقدت خلال الدورة، عن347 سؤالا في إطار الحوار والتفاعل بشأن قطاعاتٍ وخدماتٍ وبرامجَ عمومية وأداءِ المَرْفقِ العام، عِلْماً بأن أعضاء المجلس وَجَّهُوا الى أعضاء الحكومة برسم الدورة 1160 الحالية سؤالا شفويا و 2700 سؤالا كتابيا أجابت الحكومة عن 800 منها.
وشَكَّلَ العملُ الميداني من خلال المهام الاستطلاعية للجان النيابية الدائمة ومن خلال اختصاص تقييم السياسات العمومية، والاستماع الى رؤساء ومديري المؤسسات العمومية في إطار مراقبة المالية العمومية، وفي إطار المهام الرقابية للجان النيابية الدائمة، آلياتٍ أخرى لمراقبةِ العمل الحكومي وأداءِ المرافق العمومية، أَسْفَرَتْ عن خلاصاتٍ وتوصياتٍ مُتَوَافَقٍ بِشَأْنِهَا ستكونُ، بدونِ شَكٍّ، أساسَ إجراءاتِ تَدَارُك الاختلالات وتجويدِ أداءِ المرفق العام وحافزاً على مبادرات تشريعية.

الزميلات والزملاء،
السيدات والسادة،
ويواكب ما تُحَقِّقُهُ بِلَادُنَا في مجال توطيد البناء المؤسساتي وفي مجال التنمية، تعزيز وحدتنا الترابية وتثبيتِ سيادتنا الوطنية في أقاليمنا الجنوبية. وتُجسد المشاريع الإنمائية والتجهيزية والخدماتية المهيكلة، غير المسبوقة والتي هي بصدد تحويل وجه الجهات الجنوبية الثلاث، ذلكَ التماسك والتلاحم البشري والتنموي والجغرافي الوطني، والذي يَتَعَزَّزُ يومياً من خلال إعطاءِ الديمقراطية وحقوق الإنسان والجهوية المتقدمة ، مدلولا ملموساً، ومعنى حقيقياً.
ويواكب هذه الإنجازات، ترسيخٌ للإقرار الدولي المتزايد، بمشروعية الحقوق المغربية، بِسَحْب عدد من البلدان اعترافَهَا بالانفصاليين، وفَتْحِ عددٍ من البلدان الشقيقة قنصلياتٍ في اثْنَتَيْنِ من كُبْرَيَاتِ حَوَاضِر الأقاليم الجنوبية: العيون والداخلة.
وقد أثمرَ التراكمُ المُحَقَّقُ في تحصينِ السيادة الوطنية على الأقاليم الجنوبية، وواقعيةُ وجديةُ مقترح الحكم الذاتي، وتثبيتُ حقوقنا المشروعة، وقُوَةُ إجماعنا الوطني، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي يرعى دبلوماسيةً وطنية مُثُلُها وعقيدتُها العدلُ والوفاقُ والتعاونُ والشراكةُ والنزوعُ إلى السلم والإقناع، كل ذلك، أَثْمَرَ، انهياراً لِوَهْمِ الانفصال، في السياق الجيوسياسي المتسارع تأكيدا لمشروعيةَ وصحةَ وصلابةَ اختيارات المملكة. وبالتأكيد فإن هذا الانكسار، يتحققُ أيضا على صخرةِ صُمُودِ ويَقظةِ وجَاهِزِيةِ القوات المسلحة الملكية بقيادةِ قائِدِهَا الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة جلالة الملك محمد السادس أعزه الله. فإلى هذه القوات وقائدها الأعلى كل التحية والإجلال والامتنان. وإلى قوات الدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة والوقاية المدنية، كل التحية والتقدير.
وفي إطار ثوابت السياسة الخارجية للمملكة كما يرعاها جلالة الملك، واصل مجلس النواب مساهمته في الدفاع عن قضايانا الوطنية وفي مقدمتها الوحدة الترابية من خلال تبادل الزيارات والوفود مع عدد من البرلمانات الوطنية، ومن خلال المشاركة النوعية والمؤثرة في مؤتمرات ومنتديات المنظمات المتعددة الأطراف. وقد تَوَاصَلَ هذا الجهد الجماعي على أساس المأسسة والتأطير القانوني.

السيدات والسادة ،
تتطلبُ المرحلةُ الجديدة التي تدشنُها بلادُنا، والمتميزة بإعدادِ تصورٍ تنموي جديد تشتغلُ على بَلْوَرتِهِ، في إطار منهجية الاشتراك والتوافق، اللجنة التي عينها جلالة الملك لهذا الغرض، وكذا التحديات التي ينبغي أَن نَرْفَعَهَا، سَوِياً، من أجل مواصلة تَمْنِيع نموذجنا وإحقاق العدالة الاجتماعية والمجالية وتحسين الخدمات الاجتماعية، كل ذلك يتطلب منا في مجلس النواب، إعطاءَ نَفَسٍ جديدٍ للعمل البرلماني .

وفي هذا الصدد، ينبغي التذكير بما رَاكَمْنَاهُ من إصلاحات على مستوى المجلس في ما يخص التخليقَ، وتسريع الإنتاج، والانفتاح، وجعل أشغالِنَا منتجةً للْأَثَرِ الإيجابي على المجتمع وعلى الحكامة، ورافداً للإصلاحات المؤسساتية الكبرى. وحيث إن الإصلاحات هي مسلسلٌ دائم يَتَأَسَّسُ على التراكم، فقد حَرِصْنَا في إطار رئاسة المجلس ومكتبه مع السيدة والسادة رؤساء الفرق والمجموعة النيابية ورؤساء اللجان النيابية الدائمة على تنفيذ إصلاحات جديدة، وَوفَّرْنَا وسائل عمل جديدة أذكر منها إبرام اتفاقية شراكة وتعاون بين المجلس والجامعات العمومية الإِثْنَتَيْ عَشَرَ من أجل توفير الخبرة والاستشارة لأعضاء المجلس، وَحَرِصْنَا من جهة أخرى، على هيكلة وتفعيل اللجنة المعنية بالعرائض والملتمسات من أجل التشريع، إعمالا لـمقتضيات الدستور في ما يخص الديموقراطية التشاركية والـمُواطِنَة، وأطْلقنا، من جهة ثالثة، الصيغة الجديدة لموقع المجلس على الأنترنيت والتي من مستجداتها، على الخصوص، مَنْحُ المواطنينِ فُرْصَةَ التفاعلِ عن بُعْد مع أعمالنا التشريعية من خلال ملاحظاتِهم واقتراحاتهم بشأن مشاريع النصوص المعروضة على المجلس. وَواصلنا بنفس الحرص، رَصْدَ الغياب في الجلسات العامة وفعَّلنا بشأن ذلك، ما يتعين من مساطر.
وبعد ما اسْتَنْتَجْنَاهُ من الممارسة والرصد من دروس، سنعملُ في ما يتبقى من الولاية، في إطار التوافُقِ بين مكونات المجلس، على الذهاب أَبْعَدَ في مسطرةِ ترتيب الآثار القانونية عن الغياب غير المبرر في جلسات المجلس، إذ فَتَحْنَا لهذا الغرض ورش تعديل القانون التنظيمي لمجلس النواب والنظام الداخلي للمجلس، وذلك حفاظا على هِبَةِ المؤسسة وصُورَتِها واحتراماً لنبل تَحَمُّلِ مسؤولية الانتداب البرلماني.

السيدات والسادة ،
في سياق ترسيخ بنائِنَا المؤسساتي والديمقراطي ، يَنْبَغِي أن نستحضرَ دوماً أن الأحزابَ السياسيةَ تُشكل إحدى مرتكزات البناء الديمقراطي والمؤسساتي والتماسك الاجتماعي، وهي أدواتُ التنافسِ الديمقراطي والوَسَاطَة المُجتمعية، وهي بذلك مؤسسات لا محيد عنها في ترسيخ الاستقرار المؤسساتي وتوفير أسباب التقدم. وقد أثبت تاريخُ الأمم المتقدمة، وذات التقاليد الديمقراطية الناضجة والعريقة، الدورَ الحاسِمَ والمركزيَ للأحزاب السياسية في بلوغ ما وصلت إليها. وبالمقابل نُتابِعُ في سياقات أخرى حالات نقيضة. وبالتأكيد، فإن في ذلك دروس، وَدَحْضٌ للخطابات المناهضة للمؤسسات وللأحزاب.

السيدات والسادة،
يختتم مجلس النواب هذه الدورة في سياق دولي وإقليمي، من سماته استمرارُ النزاعات الدخلية والعابرة للحدود والحروب في عدد من بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وحيثُ عدمُ الاستقرارِ مع كل التداعياتِ الراهنةِ والمستقبليةِ على شعوبِ هذه البلدان.
وفي خِضَمِّ كُلِّ ذلك، تتفاقمُ معاناةُ الشعب الفلسطيني المُكَافِحِ من أجل حقوقه التاريخية. في هذا الصدد ينبغي التذكير، دوماً، بالدعم الحاسم واللامشروط الذي ما فتئ المغرب بجميع مكوناته يقدمه للقضية الفلسطينية ورفضِه مصادرة الحقوق الشرعية الثابتة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس التي يترأس لجنتها جلالة الملك محمد السادس، وعودة اللاجئين وإنهاء القمع والحصار على أشقائنا الفلسطينيين؛ وما الجهود الخيرة التي يبذُلُها جلالة الملك من أجل القدس، ومن أجل الحل العادل والدائم للنزاع في الشرق الأوسط، والدعم الذي يقدمه بيت مال القدس للأشقاء الفلسطينيين ولدعم الخدمات في القدس والضفة والقطاع، إلاَّ دليلٌ قاطعٌ وملموسٌ لا يقبل المزايدة على مواقف عملية ملموسة إلى جانب الشعب الفلسطيني.
إن الأمر، الزميلات والزملاء، في ما يخص القضية الفلسطينية، يتعلق بحقوقٍ ثابتةٍ للشعبِ الفلسطينِي في الاستقلاَل و إقامة دولته المستقلة، وذلك وفق الشرعية الدولية التي هي اليوم أمامَ امتحانٍ جديد في وقت يستفرد الاحتلال بفرض الأمر الواقع في ظل اختلال غير مسبوق لموازين القوى الدولية والإقليمية. ومهما يكن، فإن استمرار الاحتلال هو جوهرُ المشكلة، وكما قال الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش فإن “السلام لا يستوي مع استمرار الاحتلال والسيطرة”، ونضيف نحن أن السلام لا يستوي مع الاستيطان وضم الأراضي، ولا مع العقاب الجماعي، ولا مع مصادرة الأراضي، ولا مع السياسات الأخرى التي تجعل قيام الدولة الفلسطينية مستحيلا. إن الطريق إلى بناء السلام يمر عبر التفاوض والحوار والاحتكام الى الشرعية الدولية وقراراتها. وبالتأكيد فإنه يمر، بالضرورة ومنطقيا، عبر إنهاء الاحتلال.
السيدات والسادة،
نختتم الدورة الخريفية على مستوى الجلسات العامة، فيما تواصل اللجان النيابية الدائمة أعمالها التشريعية والرقابية وإنجاز المهمات الاستطلاعية المكلفة بها، وهي أشغال مركزية وأساسية من حيث حجمها. فاللجان هي المختبرات الأساسية للعمل البرلماني وللتفاعل ولبرلمان القرب.
ينبغي ان تشكل الحصيلة التي حققناها جميعا ، بالتعاون والتكامل والتوافق بين كافة مكونات المجلس معارضة وأغلبية، وبين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حافزا على مواصلة أداء الواجب وتمثل مسؤولية الانتداب البرلماني والعمل معا من أجل ترسيخ الثقة، بما يعززُ تقدمَ ونَمَاءَ بلادِنَا تحت قيادةِ جلالة الملك محمد السادس أعزه الله.

الاخبار العاجلة