تصعيد خطير في تندوف…إلى أين تتجه العلاقة بين الجزائر والبوليساريو ؟

محرر مقالات5 فبراير 2025
تصعيد خطير في تندوف…إلى أين تتجه العلاقة بين الجزائر والبوليساريو ؟

العيون الأن.

حمزة وتاسو / العيون .

اندلعت مواجهات مسلحة بين وحدات من الجيش الجزائري وعناصر تابعة لجبهة البوليساريو في محيط مخيمات تندوف، في تطور غير مسبوق يعكس حالة التوتر المتزايدة داخل هذا المعقل الذي ظل لسنوات تحت الرعاية الجزائرية، الحادثة التي أكدت وقوعها مصادر حقوقية وإعلامية، تطرح تساؤلات عميقة حول مستقبل العلاقة بين الجزائر والجبهة، وسط مؤشرات على أن الأخيرة لم تعد تكتفي بدورها التقليدي، بل باتت عبئا ثقيلا على كاهل النظام الجزائري.

بحسب التقارير الواردة من المنطقة، فإن الاشتباكات اندلعت على خلفية خلافات تتعلق بتوزيع المساعدات والامتيازات داخل المخيمات، قبل أن تتطور إلى مواجهات مسلحة استدعت تدخل الجيش الجزائري، هذا التحول يبرز مدى هشاشة الوضع الأمني في تندوف، ويؤكد أن الانسجام الظاهري بين الجيش الجزائري والبوليساريو لم يكن سوى قشرة رقيقة تخفي تحتها صراعا محتدما.

في هذا السياق اعتبر زين العابدين الوالي، رئيس المنتدى الأفريقي للبحوث والدراسات في مجال حقوق الإنسان، أن ما يحدث هو نتيجة طبيعية لسياسة “تغذية الفوضى”، قائلا: “من يرعى الفوضى يحصد التمرد”، في إشارة إلى أن الجزائر التي لطالما استخدمت البوليساريو كورقة ضغط إقليمية، أصبحت اليوم تواجه كيانا منفلتا داخل حدودها، يهدد سيادتها ويخلق بؤرة توتر مزمنة في جنوب البلاد.

من جانبه، وصف الإعلامي الجزائري وليد كبير المواجهات الأخيرة بأنها “متوقعة منذ سنوات”، مشيرا إلى أن “السلطات الجزائرية أدركت متأخرة أن البوليساريو ليست سوى قنبلة موقوتة داخل التراب الجزائري، وها نحن اليوم نشهد انفجارها”، وأضاف أن الدولة الجزائرية باتت تواجه معضلة التعامل مع كيان لم يعد يخضع كليا لإرادتها، وهو ما يثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل العلاقة بين الطرفين.

تشير المعطيات المتوفرة إلى أن هذه الاشتباكات قد تكون بداية لمرحلة جديدة، تتسم بتراجع الهيمنة الجزائرية داخل المخيمات، وسط تزايد مؤشرات السخط الشعبي الجزائري تجاه استمرار دعم البوليساريو، فقد تحولت هذه القضية التي كانت تطرح على أنها مسألة قومية في الخطاب الرسمي، إلى ملف يثقل كاهل البلاد اقتصاديا وسياسيا، خاصة في ظل الأوضاع الداخلية المتوترة التي تشهدها الجزائر.

المواجهات الأخيرة تضع النظام الجزائري أمام خيارين لا ثالث لهما إما الاستمرار في دعم البوليساريو رغم تصاعد الخلافات، مما قد يؤدي إلى مزيد من الصدامات، أو البحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه دون الانزلاق نحو مواجهة شاملة قد تكون تداعياتها أكبر مما يمكن للنظام تحمله، وفي ظل هذا الواقع يبدو أن الجزائر قد تجد نفسها مضطرة إلى إعادة النظر في استراتيجيتها تجاه الجبهة، سواء من خلال تغيير سياسات الدعم أو البحث عن حل سياسي يقيها المزيد من الاضطرابات.

في المحصلة، تكشف أحداث تندوف الأخيرة أن العلاقة بين الجزائر والبوليساريو لم تعد كما كانت، وأن التوترات الحالية قد تشكل نقطة تحول فارقة في مسار هذا الملف، ويبقى السؤال المطروح هل تتحرك الجزائر لإعادة ضبط إيقاع العلاقة مع الجبهة، أم أن الأمور ستتجه نحو مزيد من التصعيد الذي قد يعيد رسم خريطة النفوذ في المنطقة ؟

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!