الخطاب الملكي… دعوة إلى الجدية وتجديد روح المسؤولية

محرر مقالات10 أكتوبر 2025
الخطاب الملكي… دعوة إلى الجدية وتجديد روح المسؤولية

العيون الآن.

يوسف بوصولة

في افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان، رسم جلالة الملك محمد السادس ملامح مرحلة جديدة من البناء الوطني، عنوانها الأبرز الجدية والمسؤولية، والانتقال من منطق الخطاب إلى منطق الإنجاز. خطاب جاء ليعيد ترتيب الأولويات في المشهد السياسي والمؤسساتي المغربي، مؤكدا أن التنمية ليست مجرد شعارات أو برامج ظرفية، بل مسار استراتيجي مستمر يتطلب تعبئة شاملة من كل مكونات المجتمع.

شدد الملك في خطابه على ضرورة تسريع وتيرة التنمية الترابية ومحاربة الفوارق المجالية والاجتماعية، من خلال إطلاق جيل جديد من المشاريع المندمجة التي تضمن العدالة المجالية وتمكن المواطن من جني ثمار النمو. كما دعا إلى مضاعفة الجهود للنهوض بقطاعات التعليم والصحة والتشغيل، والعناية بالمناطق الهشة، خصوصا الجبال والواحات والسواحل، باعتبارها الفضاء الحقيقي لقياس أثر السياسات العمومية.

وفي قراءة أكاديمية لهذا التوجه، يؤكد الأستاذ عباس الوردي، أستاذ العلوم السياسية، أن الخطاب الملكي “جاء امتدادا طبيعيا لخطاب العرش الأخير الذي شدد فيه جلالة الملك على رفض منطق المغرب بسرعتين”، مضيفا أن الرسالة الملكية هذه المرة “تروم إحداث تحول عميق في أسلوب تدبير الشأن العام، عبر ترسيخ ثقافة النتائج بدل الخطابات، وربط المسؤولية بالمحاسبة”.

ويضيف الوردي أن جلالة الملك وضع أمام الفاعلين السياسيين والإداريين “خريطة طريق دقيقة”، تقوم على تغيير العقليات وتبسيط المساطر الإدارية واعتماد التكنولوجيا الرقمية كوسيلة لتحقيق نجاعة وفعالية أكبر في تنفيذ المشاريع التنموية. ويؤكد أن “الخطاب الملكي لم يكن سياسيا فقط، بل تنمويا بامتياز، لأنه ربط التنمية بالعدالة الاجتماعية، والتنمية الترابية بالكرامة الإنسانية”.

ويرى أستاذ العلوم السياسية أن جلالته أعاد التأكيد على “محورية العالم القروي” في أي رؤية مستقبلية للتنمية، داعياً إلى “تدبير مهيكل ومستدام للمجال القروي وتوسيع المراكز الصاعدة لتقريب الخدمات الأساسية من المواطنين”. كما اعتبر أن الملك “فتح الباب واسعا أمام الجماعات الترابية لتلعب دورها الكامل في التنمية، بعيدا عن الحسابات الضيقة أو الأهداف الانتخابوية”.

وفي ما يشبه التنبيه السياسي، أشار الوردي إلى أن “الخطاب الملكي حمل الأحزاب السياسية والبرلمان والمجتمع المدني مسؤولية تأطير المواطنين والتواصل معهم بصدق وشفافية”، مؤكداً أن “الثقة لا تبنى بالوعود، بل بالفعل الميداني”.
كما أبرز أهمية ما سماه “الدبلوماسية البرلمانية والحزبية والموازية” في الدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها الوحدة الترابية.

ويختم الوردي تحليله بالتأكيد على أن “الخطاب الملكي يمثل خارطة طريق واضحة نحو نموذج تنموي متجدد، يضع الإنسان في قلب المعادلة، ويجعل من الاستمرارية في العمل أساسًا لبناء مغرب متوازن ومتماسك من طنجة إلى الكويرة”.

الاخبار العاجلة