العيون الآن
السالك رحال _ العيون
الجزائر في مواجهة الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية واقتراب اعتراف نيجيريا بمغربية الصحراء..
منذ عشرة ايام أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانًا تندد فيه بشدة بقرار فرنسي جديد يؤيد سيادة المغرب على الصحراء ويدعم بقوة المقترح المغربي بمنح الصحراء حكمًا ذاتيًا تحت السيادة المغربية. هذا الموقف ينضاف إلى المواقف الأمريكية والإسبانية والألمانية والبريطانية والهولندية وغيرها من الدول التي اتخذت نفس النهج. وبعد البيان بثلاثة أيام، عقد وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، ندوة صحفية مطولة لتوضيح الموقف الجزائري عقب قرار سحب السفير من العاصمة باريس بأثر فوري. خلال الندوة، حاول الوزير تقديم عدة تبريرات، ولكنها أكدت أن الدبلوماسية الجزائرية تعاني من ضعف شديد وحالة من التيه وعدم التركيز، كما يظهر من خلال الآتي:
أفاد أحمد عطاف الصحافة بأن الرئيس عبد المجيد تبون أُبلغ بالقرار الفرنسي من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ لقاء باري الإيطالية في يونيو الماضي، على هامش قمة مجموعة السبعة الكبار. وأكد عطاف أن رد الرئيس الجزائري كان صارمًا وحازمًا تجاه هذا القرار، إلا أن اللقطات المنشورة عقب تلك القمة أظهرت الرئيسين يتعانقان بحرارة ويتجولان في ساحة مقر انعقاد القمة، في جو لا يوحي بالصرامة والحزم ضد الموقف الفرنسي. مما يعكس محاولة يائسة من الوزير لإعطاء تبرير للموقف الجزائري.
انتقد أحمد عطاف بشدة الموقف الفرنسي، معتبرًا إياه غير منسجم مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بقضية الصحراء. وادعى أن الحكم الذاتي لا يحظى بأي دعم دولي، وهي زلة دبلوماسية كبيرة تُظهر عدم اطلاعه على قرارات مجلس الأمن، مثل القرار 1394 الصادر في 27 فبراير 2002 الذي حث أطراف النزاع على البحث عن حل سياسي واقعي ومقبول ودائم بعد الاقتناع باستحالة تنظيم استفتاء تقرير المصير. وعلى هذا الأساس، قدم المغرب في 11 أبريل 2007 مبادرة الحكم الذاتي التي حظيت بتأييد مجلس الأمن في قراره 1754 الصادر في 30 أبريل 2007، والذي وصف المبادرة بالجدية والمصداقية والرامية إلى التقدم بالعملية السياسية نحو التسوية. ولازالت جميع القرارات المتعلقة بقضية الصحراء تشيد بالمبادرة، كان آخرها القرار 2703 الصادر يوم 30 أكتوبر الماضي. وبالتالي، يجب تذكير عطاف أن مبادرة المغرب تحظى بإجماع دولي.
ذكر أحمد عطاف خلال الندوة أن هناك صفقة فرنسية جزائرية مغربية حول الصحراء، وأنه في وقت مناسب سيفصح عنها. مما يشير إلى افتقار الدبلوماسية الجزائرية للمبادئ، حيث لا يمكن التعامل مع قضية الصحراء بين النقيضين: المبدأ والصفقة.
الأيام القادمة ستكون حاسمة فيما يخص تبني أطراف أخرى نفس الموقف الفرنسي قبل تقديم الأمين العام للأمم المتحدة تقريره السنوي حول القضية. لاحظنا زيارة وفد حكومي من نيجيريا إلى مدينة الداخلة، مما يشير إلى احتمال وجود خطوات جديدة تتخذها تلك الدولة مع دول أفريقية وعربية أخرى تتبع نهج فرنسا. ومن المتوقع أن يتلقى المغرب رسائل مشابهة للرسالة الفرنسية من عدة دول قبل شهر أكتوبر، مما سيحشر الجزائر في الزاوية ويعزلها عن محيطها الدولي دبلوماسيًا.
يحدث كل ذلك في غياب تام لرد فعل حقيقي من جبهة البوليساريو، التي لم تتخذ أي خطوة مشابهة للجزائر، حيث أن ممثلها في باريس لا يزال يباشر مهامه في طلب الدعم المادي من البلديات والجمعيات التضامنية، مما يشير بوضوح إلى أن القضية لا تعدو كونها قضية ارتزاق على حساب الساكنين في مخيمات تندوف.