تدوينة “ضريبة الأعراس” بقلم احسينة لغزال

مدير الموقع26 أبريل 2017آخر تحديث :
تدوينة “ضريبة الأعراس” بقلم احسينة لغزال

العيون الان

بقلم: احسينة لغزال
عندما رسمت فارس أحلامها على لوحتها الوردية، وتخيلت مسار حياتها معه لاح لها المستقبل بكل تجلياته، وبدت شاردة لا تكلم أحدا حتى أعز صديقاتها لم تعرها اهتماما، علها لم توافق عليه وكان مفروضا عليها مجاراة أهلها والامتثال لاوامرهم (احنا أخبر فعرسك).
قالتها أمها بنبرة حادة أختزلت واقعا نعيشه اليوم بكل صدق ، في مجتمع نعتقد أنه اكثر أنفتاحا من ذي قبل، هنا لا مجال لابدأ الرأي او حتى مناقشته، أغلقت غرفتها بعنف وهي تبكي حرقة ، وتنتظر قدرها المحتوم.
إلتحق الأب بالمنزل وهو يدرك ان الامور ليست بيده، وكأنه ذاك المتفرج الذي لم يقدر على البوح وظل يكتم ما بداخله سنوات مرت، في الضفة الأخرى أهل الفارس سعيدون بالموافقة، العريس هو الآخر بدون أدنى فكرة عن ما يحدث، همه إسعاد من حوله ولو على حساب سعادته، فهو طول مشواره يوافق بدون تردد المدلل والصغير بالأسرة، ينتظر اطلاعه على أن كل شيء جاهز، صلة الوصل بينه وبين خطيبته معدومة لا تتعدى بعض الإتصالات الهاتفية ، والتي في كثير من المرات لا تجيبه عنها لا نقاش جدي يجمعهم ولا تعارف سوى ان كلتا العائلتين متجاورتين، فقد اتفقا على كل ما يلزم للعرس.
حاولا التقرب من بعضهما قبل الدخول للحياة الزوجية ، يظهر النفور والتباعد مخيما على الوضع، تعود هي مرة اخرى للانزواء وتحاول شرح رفضها للعائلة ، هنا التحجر يسيطر على أفكار الأم ومن يدعمها (احنا اعطينا الكلمة للناس)
تبدأ الترتيبات ويحين الوقت، تشيد الخيام وتشرى الإبل ويستدعى الضيوف وتلتحق العائلات ، ليكتمل المشهد الكل ينتظر (الدفوع) تظهر الخيل في المقدمة ويدفع بالسيارات الفارهة الى الأمام، لتبدأ الصورة جميلة للناظرين، الزغاريد من كل وجهة، بتناثر الفريقين لثاما ابيضا ، ليبرز الطرف الفائز احقيته به، يبدأ الترحيب بالحليب والتمر والمسك. (النحيرة ) هنا أساس كل حديث جانبي بين اطراف تسجل كل صغيرة وكبيرة، (السكر لفنابر لباس العروس) اشياء دقيقة ومحسوبة، كلها نحن في غنى عنها داخل مجتمع طغى عليه المنظر والتباهي ، جعل أي شاب يفكر مليون مرة قبل الدخول في متاهاته، ويختار في النهاية الجلوس بالمقاهي متفرجا او حاضرا لوجبة الغذاء بهذا العرس الخيالي .
فكم من الأموال تصرف عبثا؟ على تلك الولائم لو فكرنا جيدا في استثمارها لكان العروسين ليس في حاجة لكراء شقة ، يدفعها للمكتري شهريا، تكتمل فصول هذه المناسبة بالسهرة (والتعلاك) وتزداد بعادة غريبة دخيلة علينا (الصبحية).
ينتهي كل هذا لتبدأ معاناة اخرى ، أسمها الدين ومحاولة إرجاع الأموال المستلفة لأصحابها ، وتلك قصة أخرى لا يعرف تفاصيلها الا من اكتوى بنارها.
فجأة وبعد مرور أيام معدودة، تعود العروس بورقة طلاقها ، فما اكثر هذه الحالة اليوم بمجتمعنا! وتبدأ رحلة اللاعودة وتدخل تلك العروس في متاهات كبيرة ، قد تجرها إلى أشياء كانت أصلا في غنى عنها لو تركو لها الاختيار.

الاخبار العاجلة