العيون الآن
س _ دايدا
التوترات الجزائرية الروسية في مالي..هل تنذر بمواجهة مباشرة في الساحل..؟
تشهد العلاقات الجزائرية المالية توتراً متزايداً في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي تشهدها منطقة الساحل وجنوب الصحراء. وعلى الرغم من أن هذه المواجهة لم تصل بعد إلى صدام مباشر، إلا أنها توشك أن تتحول إلى نزاع حقيقي يعكس الصراع على النفوذ بين الجزائر وروسيا في مالي.
الخلافات الجزائرية الروسية: خلفيات وأسباب
أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استياءه من تحركات الجزائر في منطقة تيزاوتين المالية، والتي تعكس مدى تعمق الخلاف السياسي بين البلدين. الجزائر، التي كانت تُعتبر تقليدياً حليفاً لروسيا، بدأت تتجه نحو تحالفات جديدة مع المعسكر الرأسمالي، ما أثار قلق موسكو ودفعها إلى إعادة تقييم علاقاتها مع الجزائر.
يتجلى هذا التوتر في اتهامات بأن الجزائر قد شاركت في تدريب متمردين وانفصاليين في شمال مالي، مما يعد تهديداً مباشراً للمصالح الروسية في المنطقة. هذا الاتهام يتزامن مع فشل محاولات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في إقناع بوتين بالتخلي عن دعم حكومة مالي، وهو ما يضع العلاقات بين البلدين في مرحلة حساسة.
دور العنصر الأوكراني وتصاعد التوترات
أثار تدخل العناصر الأوكرانية في النزاع المالي، عبر دعمها من الجزائر وموريتانيا، غضب القيادة الروسية. وتعتبر روسيا هذا التدخل تحدياً مباشراً لها في منطقة تعتبرها ذات أهمية استراتيجية قصوى. وعلى الرغم من أن الجزائر تعتمد بشكل كبير على المعدات العسكرية الروسية، فإن تحركاتها الأخيرة قد تدفع موسكو إلى اتخاذ إجراءات أكثر حدة، بما فيها احتمال تعطيل أنظمة الدفاع الروسية الموجودة في الجزائر.
مخاطر وتحديات مستقبلية
في ظل هذا التصعيد، يواجه النظام الجزائري تحديات داخلية وخارجية كبيرة. فهناك تقارير تفيد بأن بعض عناصر الجيش الجزائري غير راضين عن كيفية إدارة القيادة الجزائرية للوضع في شمال مالي، خاصة فيما يتعلق بتعاملهم مع الروس. وتزيد احتمالات نشوب صراع مباشر بين الجزائر وروسيا إذا استمرت الجزائر في دعم العناصر الأوكرانية أو تكررت حوادث استهداف الجنود الروس في مالي.
وفي هذا السياق، قد تكون زيارة رئيس الوزراء النيجري علي الزين إلى الجزائر محاولة لتخفيف التوتر مع مالي وإرسال رسالة إيجابية إلى موسكو. ومع ذلك، فإن استمرار التوتر قد يؤدي إلى “طلاق” سياسي بين الجزائر وروسيا، وهو ما قد تكون له عواقب وخيمة على الاستقرار الإقليمي.
العلاقة بين الجزائر وروسيا تمر بأزمة غير مسبوقة قد تعيد رسم خريطة التحالفات في منطقة الساحل وجنوب الصحراء. في ظل تصاعد التوترات في مالي، وتحركات الأطراف المختلفة في ليبيا، تبدو المنطقة على شفا مرحلة جديدة من الصراع الجيوسياسي، حيث يمكن لأي خطوة غير محسوبة من الجانب الجزائري أن تفتح أبواباً خطيرة على النظام الجزائري نفسه. روسيا، التي تعتبر مالي أكثر أهمية استراتيجية من الجزائر، قد تلجأ إلى اتخاذ إجراءات حازمة إذا استمر الوضع على ما هو عليه.