العيون الآن.
يوسف بوصولة
في مشهد يعكس التخبط السياسي الذي يهيمن على النظام الجزائري خرج الرئيس عبد المجيد تبون بتصريحات مثيرة للجدل، زاعما أن الخلاف بين بلاده وفرنسا “مفتعل بالكامل” في تلميح واضح إلى المغرب وفي محاولة للتهرب من الواقع المتوتر الذي تعيشه العلاقات الجزائرية الفرنسية وإلقاء اللوم بشكل غير مباشر على المملكة
الرئيس الجزائري الذي سعى إلى تقديم صورة متوازنة عن العلاقات مع باريس تجاهل حقيقة أن السلطات الجزائرية كانت في طليعة من شنوا حملات إعلامية ودبلوماسية ضد فرنسا وصلت إلى حد اتخاذ قرارات متسرعة وغير مدروسة مثل رفض استقبال الجزائريين المرحلين من الأراضي الفرنسية وهو قرار لا يخدم مصلحة الجزائر وشعبها بل يجعلها محل سخرية على المستوى الدولي.
أما فيما يخص زيارة المسؤولين الفرنسيين للأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية فقد حاول تبون التقليل من شأنها بالقول إنها “ليست استفزازًا”، متناقضا بشكل صارخ مع المواقف الرسمية لوزارة الخارجية الجزائرية التي أصدرت بيانات حادة وصعدت من لهجتها تجاه باريس، بل شنت وسائل الإعلام الجزائرية الموجهة من النظام حملة ممنهجة ضد هذه الزيارات مما يعكس ارتباك السلطة في التعامل مع هذا الملف.
لا يبدو أن الجزائر قادرة على تبني سياسة خارجية متماسكة، إذ تواصل اتخاذ قرارات غير حكيمة وتصريحات صبيانية تفتقر إلى الحد الأدنى من الدبلوماسية الحقيقية. فبدلا من التركيز على قضاياها الداخلية وتعزيز مكانتها الإقليمية، تفضل السلطات الجزائرية تعليق فشلها على شماعة المغرب، متناسية أن المملكة تمضي بثبات في تحقيق إنجازات دبلوماسية وازنة على الصعيد الدولي مدعومة بعلاقاتها القوية مع القوى العالمية الكبرى.
في المقابل يواصل المغرب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله تعزيز مكانته كقوة إقليمية تحظى باحترام المجتمع الدولي إذ استطاعت الدبلوماسية المغربية من خلال سياستها الحكيمة والمتزنة، تحقيق مكاسب متتالية في ملف الوحدة الترابية كان آخرها الموقف الفرنسي الذي يعكس حجم التقارب بين الرباط وباريس رغم المحاولات الجزائرية للتأثير على هذه العلاقة.
إن المغرب يمضي قدما بثقة في مساره متشبثا بحقه المشروع في سيادته على أقاليمه الجنوبية بينما تظل الجزائر رهينة تناقضاتها وقراراتها المرتبكة، مما يجعلها في عزلة دبلوماسية متزايدة في وقت يتطلب من قادتها مراجعة سياساتهم بدل الانشغال بمعاداة المغرب في كل مناسبة.