العيون الان
لعنة أبناء جيش التحرير تلاحق السلطوية من الصحراء إلى الحسيمة.
بقلم: بداد محمد سالم
من بعد تفكيك جيش التحرير، الذي شكل أكبر قوة لمناهضة الإستعمار في المنطقة، تم إلحاق العديد من أفراده الصحراويين رفقة عائلاتهم، بثكنات للقوات المسلحة الملكية بمختلف تشكيلاتها، وتم عزل هذه العائلات لفترات طويلة، في إطار عقاب جماعي استهدفهم بشكل ممنهج بعد شكوك في ولاءهم للسلطة حسب قولهم.
من بين تلك المناطق، استضافت الحسيمة العائلات الصحراوية المهجرة قصرا، وكانت هذه المدينة فضاءا مناسبا للتهجير الإجباري، بفعل وضعها كمنطقة عسكرية.
دخلت هذه العائلات في علاقات نسب ومصاهرة مع السكان المحليين، لكنها ،ظلت مجموعة منبوذة من الأجهزة السلطوية ، مشكوك في ولائها…
لقد شاهد الجميع فتاة تناظر وتدافع عن حراك الريف، ترتدي ملحفة صحراوية مخاطبة الدولة بلغة صريحة وواضحة، وبنبرة قوية وغاضبة ، ولعل عبارة ” نحن نتبعوا الأم الحاضنة ، لأن أمك الحقيقة هي ألي كا اتربي” اختزلت الاحساس بالحرمان والتهميش والغبن الجماعي، الذي طال المنطقة و من يعيش فيها، فأجتمع في هذه الفتاة وأقرانها من جيلها، ما أجتمع في أبناء المقاوميين مطلع السبعينات، حيث نادوا بتحرير الصحراء كما نادت هي بتحرير سبتة وأمليلة، وطالبت كما طالبوا بأن تكونوا مناطقهم، قضية أولوية لدى الدولة، وليست هامشية.
لقد أشارت مناظرة الريف إلى مطالب الأباء بالتحرير، لكنها نادت بمطالب الصحة ، التعليم، والعيش الكريم، وهي نفس المطالب التي رفعها أبناء عمومتها من جيلها في الصحراء بالأمس القريب.
لم تجد الدولة في مواجهة هذه المطالب إلا لغة التخوين والمؤمرات، فبدل أن تبحث في الدوافع وأسباب الاحتجاجات، نجدها تبحث عن من يقف وراء الاحتجاج وأي دور للخارج فيها.
نقول لمن يفكر وفق هذا المنطق:
* إن الدوافع التي جعلت أبناء المقاومين في الجنوب يلجئون إلى حضن أمهات أخريات لتحرير الأرض والإنسان، وجعلت أبناء عمومتهم في الريف ينتفضون وينادون بجمهورية مستقلة، بدعم أيضا من أمهات حاضنات. لا تزال قائمة بل بشكل أقوى من الماضي.
* مطالب التنمية والتعليم، الصحة، والشغل، لا تقل أولوية عن مطالب تحرير الأوطان بالنسبة لجيل الأحفاد.
* من يقف وراء الانفصال في الريف ليس الخارج، بل من يمارس الاحتكار في بجميع مستوياته: الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والريعية
، ومن يحمي المحتكرين من أجهزة وسلطة وأمنيين، وهو نفس الاحتكار الذي كان ولا زال في الصحراء.
* إن استمرار التعامل مع جيل الأحفاد من المقاوميين بنفس المنطق الاقصائي والاحتكاري، الممنهج الذي عومل به الأجداد والأباء، لن يوقف مقاومتهم للسلطوية والحگرة.