العيون الان
بقلم: السيكي محمد
دعونا نحلم…جهة العيون الساقية الحمراء جهة سياحية بإمتياز لأن المؤهلات الطبيعية والمجالية تزكي هذا الاختيار لكن السياسة العمومية لقطاع السياحة على عهد الحكومة السابقة تجهض هذا الحلم ؟..
من أين نبدأ .. جهتنا لها تموقع جيد في المجال المغربي ، فقد شاءت أقدار الجغرافيا و فضائل الزمن الجيولوجي الغابر أن تكون هذه المدن الجميلة مفتوحة الذراع على مياه الأطلسي على شريط ساحلي يمتد على طول 300كلم وأكثر…من الواد الواعر جماعة اخفنير إلى “افتاس”وراء بوجدور.. معالم و آثار ، مغارات وصخور، واحات و دار البحر التاريخية (كاسمار) التي تعتبر بوابةالإتحاد الأوروبي عبر الجزر الكناري و شاهدة على عبق التاريخ و كرم الطبيعة و سخاء زمن مضى،هناك بحاضرة المحيط الاطلسي لجهة العيون …
شواطئ كرم الضيافة …في انتظار الكرم الأكبر (المشاريع السياحية) الذي يأتي و لا يصل..؟ومن الأمثلة الحية للمؤهلات السياحية التي تزخر بها الأقاليم الجنوبية نذكر واحة النعيلة
فحين تطأ قدماك تربة رملية ممزوجة بزبد البحر ستشعر حقا بأنك في منطقة خلقت لسياحة و للمشاريع السياحية ،هذه الواحة تنتسب ترابيا لجماعة أخفنير،وتطل على مؤهلاتها الطبيعية الرائعة ،لكنها للآسف لم تستفد من مجهودات كبيرة لتأهيلها كمحطة للإصطياف قياسا بما أغدق على شواطئ مدينة الداخلة من موارد مالية كبيرة تمت تعبئتها من ميزانية عدة قطاعات ، جعلت من هذه المحطة الشاطئية مركز استقطاب سياحي وطني و دولي…
أما إذا عدنا أدراجا قليلا صوب فم الواد هذا الشاطئ الهادئ الذي يتوافد عليه أهل العيون و السمارة ،لم يحظى بالإحتضان المطلوب من طرف أي مؤسسة إنتاجية كما هو الحال بالنسبة لشواطئ طرفاية و بوجدور … و بالتالي حرم من جهود التأهيل و تحسين بنية الاستقبال رغم ما تسعى الجماعة إلى تحقيقه بمواردها الجد محدودة ….
و نحن نجر الخطى في اتجاه الجنوب ، نتنسم هواء رطبا ، ونلقى بنظراتنا نحو الأفق الفسيح و الممتد ، ممتزج بزرقة البحر..يساورنا الأمل ،كما الحلم ، بأن على هذه الأرض ما يستحق الانتباه .. !!
شاطئ فم الواد غير بعيد عن ميناء المرسى ، و فيه تماس مجالي يصعب التمييز بين حدوده الفاصلة ..مع المرسى ..مجال بحري لا يحده البصر ..تتلاطم الأمواج به في زهو لا يحد …ورمال من ذهب خام تعبث بها الأيادي في جنح الظلام …”
مصطاف ” طاش ماطاش ” كما تسميه ساكنة العيون …
هذه الشواطئ تمتاز بالطقس البارد و المنعش ، مياههم ذات جودة عالية …غالبا ما يلجأ إليه بسطاء المدينة هروبا من الرطوبة و الحرارة … ليستمتعوا بجمال الطقس ، و رذاذ الضباب الكثيف ليلا … وقد عرف شاطئ فم الواد إنتعاشا ملحوظا حين أقدمت
الوكالة الوطنية للموانئ بالعيون حين إحتضنت هذه المحطة الشاطئية تفعيلا لبرنامج شواطئ نظيفة الذي ترعاه مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة برئاسة الأميرة اللاحسناء …حيث ظفر الشاطئ باللواء الأزرق نظرا للجهود المبذولة لتحسين شروط الاستقبال بهذا الشاطئ (الجميل) ..بما فيها إحداث كورنيش و ملاعب رياضية و مرافق صحية و مسالك طرقية مساعدة على الولوج …لكن مؤهلات هذا الشاطئ الطبيعية و البحرية يمكن أن تسعفه ليصبح قبلة لسياحة من طراز رفيع …لو أن القائمين على الشأن المحلي كانت لهم الرغبة ، قبل القدرة ، على الإقناع و الترافع … !! و ما زالت القائمة طويلة إذا تحدثنا أيضا عن
شاطئ طرفاية الذي يكسوه السكون و البهاء
وتزينه “كسمار” …بما تحمل هذه التسمية من معنى لأهل الصحراء كما أنه محطة شاطئية استثنائية .. لها خصوصية مجالية فريدة ، تتميز بجودة عالية لمياه البحر و رماله … وتعتبر مدينة طرفاية التي تحتضن دار البحر التاريخية
اغارقة في مناوشاتها الصغيرة مع جهة العيون حيث أنها أضاعت فرصا حقيقية لتأهيل هذه المحطة الشاطيئة و تحسين بنية الاستقبال بها … فالمرء يحتار أحيانا ، كيف لمجال ساحلي رائع لا يثير الانتباه بجماعات قروية تحتاج إلى موارد جبائية لسد ثقوبها المالية ؟ بالرغم من قربها و جوارها بمدينة العيون لكي يتم تشيكل فرصة حقيقية للإقلاع التنموي ، و مجلس الجهة ، و على النقيض من ذلك ، لا زال ينتج كل التشوهات المجالية و العمرانية المكلفة مستقبلا على مستوى إعادة الهيكلة و تدبير الولوج إلى التجهيزات الأساسية ..فليس من العدل أن لا يحترمو بالعمل الجاد والمسؤول جمال
شاطئ طرفاية ،..و هدوئه المعتاد ، و صفاء مائه و نقاء رماله و الحضن الوحيد لساكنة الجهة بضيق الحال و المحال …شاطئ اكتسى شهرته العالمية بالصيد بالصنارة ، و هو مصنف عالميا بالنسبة لرواد الصنارة نظرا لطول مرتفعاته وخيراته السماكية …
فلماذا لا تكون شواطئ جهة العيون ضمن لائحة الموانئ الوطنية ( طنجة ، الدرالبيضاء ، أكادير ) كمحطة بحرية بالنسبة للبواخر السياحية Tourisme de croisière .. و ولو كان العمل الجاد مطبق لحققنا نتائج مشجعة في ظرف 3 أشهر بالنظر إلى عدد البواخر العابرة من جزر الكناري والانفتاح على إفريقيا بنسبة لسياح الوافدين من أوروبا، إلا أن ظروف الاستقبال المزرية داخل موانئنا التى تفتقر إلى أبسط الخدمات لهذا الصنف من الرحلات ، و الآثار البيئية السلبية لمختلف الأنشطة المعدنية والسمكية التي يشهدها ميناء العيون ، أجهض إمكانية تطوير و تقوية جاذبية السياحة الدولية العابرة للمحيطات …
و ينتظر المواطنون ، ومن خلالهم باقي الفاعلين بقطاع السياحة ، الوفاء بالوعود التي قدمها المسؤولون بنقل الأنشطة السياحية إلى ميناء طرفاية ، وجعله ميناء ترفيهي بما يعيد لنا بالجهة المكانة السياحية وكذلك
تأهيل السياحة الشاطئية بجهة العيون و كورنيشات طرفاية و بوجدور ، وتحسين و تنويع العرض السياحي المحلي و هيكلة مختلف الأنشطة ذات الارتباط بموسم الاصطياف … وإجمالا الارتقاء بالتدبير الجهوي للمدن بعيدا عن الكسل و ضعف المبادرة التي إتسم بها أداء مجلس الجهة …. لتعرف السياحة روح الإنتعاش
التي عرفها قليلا شاطئ فم الواد حيث عرف في مرحلته الأولى انتعاشا ملموسا للسياحة االداخلية بعد تأهيل الشاطئ من طرف المجمع الشريف للفوسفاط دعما لجهود مؤسسة محمد السادس … لكن القدر قال كلمته التي كانت على شكل فيضان وشكل خسائر أضعفت جاذبية هذه المحطة الشاطئية…
إن شواطئ جهتنا تبيض ذهبا بفعل عائدات الرمال ، دون أن تنتج قيمة مضافة على مستوى الاستثمار و فرص الشغل و تقوية الجاذبية السياحية في بعدها الوطني و الدولي …
أي موقع لجهة العيون الساقية الحمراء في المخططات السياحية الوطنية ؟
حاولنا التوقف قليلا عند استراتيجية بلادنا السياحية سواء عبرمخطط الأزرق azur أو رؤية السياحة 2020 ، لنقتفي آثار تموقع جهتنا ضمن الأوراش المبرمجة سواء على مستوى تنمية وتنويع العرض السياحي أو الرفع من التدفقات السياحية الوطنية و الدولية و وزارة السياحة تخبرنا ، عبر موقع وزارتها ، بأن بلادنا و رغم التحديات المرتبطة بالظرفية الجهوية و العالمية الصعبة بلغت عتبة 10.17 مليون سائح السنوات الماضية … و لكسب الرهانات المعلن عنها ، التزمت حكومة بنكيران أمام أنظار جلالة الملك لحظة تنصيبها بجعل السياحة أولوية وطنية بأهداف واضحة سواء على مستوى الحكامة أو التنمية أو تنويع العرض السياحي أو الرفع من التدفقات السياحية الوطنية والدولية إلى جانب تكريس الاستدامة بالقطاع و تحسين التنافسية و تعزيز الاستثمارو التكوين ..و تبعا لذلك أقرت الحكومة ست مخططات أولها المخطط الأزرق من خلال خلق محطات شاطئية مندمجة “ذكية ” بهدف تقديم عرض شاطئي مغربي تنافسي على الصعيد الدولي ، المخطط الثاني هو برنامج التراث و الموروث الهادف إلى إبراز الهوية الثقافية المغربية ، بالإضافة إلى برنامج عروض للتنشيط الرياضي و الترفيهي الداعمة للعرض السياحي المغربي ، كما يندرج ضمن هذا المخطط كذلك برنامج البيئة و التنمية المستدامة و يروم توفير مرافق سياحية راقية بمحطات شاطئية و إيكولوجية ، هذا إلى جانب برنامج بلادي الرامي إلى تقديم منتوج يتلائم و أنماط استهلاك الأسر المغربية و أساليب سفرهم .. وأخيرا برنامج المنتوجات ذات القيمة المضافة العالية الرامية إلى جعل المغرب وجهة دولية جديدة للسياحة الصحية و الترفيهية عبر استقطاب سياح الأعمال وتشجيع سياحة المؤتمرات و المعارض و الملتقيات الدولية …
في انتظار أن يتحقق الحلم …
تتبعنا ، بكل الفضول الوطني ، موقع جهتنا كقطب أساسي لجزر الكناري ، ضمن هذه الاستراتيجية الوطنية لتشجيع و تنمية السياحة ببلادنا “رؤية 2020 ” و التي التزمت بها الحكومة السابقة …فلم نعثر على موقع متقدم لجهتنا رغم ما تزخر به من مؤهلات رائعة في مقدمتها رمالها الذهبية و موقعها الجغرافي و جودة مياه البحر ، بما يعني أن محطاتها الشاطئية تتميز بجودة عالية لمياه السباحة …
بحثنا عن محطات شاطئية جديدة وعن مشاريع كبرى للتأهيل السياحي بجهتنا ، فلم نفلح ، و بقدر ما يغبطنا التحول الكبير و النوعي التي شهدته العديد من الوجهات السياحية ببلادنا ، بقدر ما يتملكنا اليأس من هذا الإقصاء غير المنصف من طرف الحكومات السابقة لا تراعي توازنا في توزيع فرص التنمية و الاستثمار …هذا إن كانت تملك فعلا صلاحية تدخلها في رسم الاستراتيجيات الوطنية …. إن لم ننفض الغبار عنا فلن يحل الإشكال أبدا فالطريقة المثلى والقانونية هي أن تمثلنا النخبة الثرية التي صوتنا لها في الانتخابات لكننا في الحقيقية صوتنا لنبتلى بنخبة أبعد ما تكون عن الترافع و لدفاع عن جهة العيون الساقية الحمراء بل تدافع عن مكانتها و ثرواتها المنهوبة لكن الخير لا زال موجودا و الأمل دائم مدام الشباب على قيد الحياة كما أن هذا الجيل الجديد وليد التأطير والتكوين و أبناء الخير وليسوا متسولين الثروات والجيل الشبابي من النواب و المستشارين البرلمانين لاحظنا في أسئلتهم الشفهية في قبة البرلمان دفاعهم عن جهة العيون وعلى رأسهم التجمي المستشار الشاب محمد الرزمة الذي سأل في الأيام القليلة الماضية عن قطاع السياحة
وكانت هذه بادرة منه طيبة وإلتفاتة حميدة لقطاع السياحة الذي بات الإهتمام قليلا به بالمقارنة مع القطاعات الأخرى.
حيث وضع تساؤلا عن أليات تطوير هذا القطاع الحيوي في الأقاليم الجنوبية و الجبلية. ويبقى السؤال المطروح ختاما متى ستتكاثق الجهود من أجل إشعال وهج و فتيل قطاع السياحة بجهتنا العزيزة؟؟