العيون الان
بقلم: احسينة لغزال
كان كلما حل وقت النتائج، تراه منهمكا لإعداد كوؤس الشاي المزخرف ، بدراعته المعتادة، ومانيجا لا تفارقه، الحرارة بمراكش جد مرتفعة الجميع لا يرتاح في ذلك اليوم، الا هو عكس الكل، عندما يسأله أحدهم عن برودة دمه يجيب (النجاح الا نجاح لعمر) .
ظل على ذلك المنوال سبع سنوات، طبلته لا تفارقه ونكته الجميلة والجذابة سبيله الوحيد لاسعاد الشلة، فالطالب هناك تمر عليه أيام عجاف يعاني فيها الكثير ، خاصة إذا كان الشهر في نهايته وقد تظطر الى أن تستلف من (طافيلات الحي الجامعي) تلك المعاناة لا يمكن لأي طالب نكرانها.
صديقنا هذا الذي سبقنا بمراحل الى الجامعة، يحكى أنه ذات جمعة كان هو ورفاقه لا يملكون فلسا واحدا، لشراء غذائهم وبحكم معرفته بالعشرة المجاورة لسكناه، دخل الى المطبخ وطلب من الخادمة كصعة الكسكس ليوصلها لهم، وبالفعل منحته إياها تسلل الى الخارج، طال إنتظار الرفقاء لوجبتهم نادو على الخادمة ، فاجابت أن فلان اخدها لكم ، تأكد الجميع أنهم خدعو هرولوا مسرعين لمنزله، فوجدو الكل منهمك في الأكل، فما كان من هذا الطالب الا أن بادرهم بكلمة (الكدام الكدام مرحبا غسلو ايديكم باسم الله) ، أبتسم الجميع وأقتسمو الوليمة دون تشنج.
مرة أخرى يعود صديقنا الى نكته التي رسمت بمداد من الفخر ، حل ضيوف بمنزله وهو لا يتوفر على مايغير به البوطة وبالاحرى توفير الغذاء ، فكر جيدا ما هو السبيل لذلك؟ رسم الخطة في مخيلته هي محكمة لكن قد تكون نتائجها كارثية، أيقن أنها الملاذ الوحيد فقرر التنفيد ، رحب بالضيوف كعادة جميع الطلبة الصحراويين في جميع المواقع الجامعية ، عندما يحل الضيف.
قرر أن ينادي على عشرة الكسكس التي نفد فيها المقلب الأول لتناول وجبة الغذاء معه، وفعلا قدموا منحهم طبلة أتاي مع الترحيب، وأوهم الجميع أنه يكنس المنزل، فأخد (نعال واصبابيط عشرته وجيرانه) وترك البقية.
همز في أذن صديقه (رخي اتاي راني جاي)، خرج باع البضاعة للاسكافي المجاور، اشترى من السوق ما يلزم ، أشار لهم الإلتحاق به شرح خطته وقال لهم لا أريد أن اسمع أي أحد ينتقد، وأكد أن نعاله هو الاخر بيعت.
تناولو الوجبة، دون أن يعلم ضيوفه أن ذاك الغذاء كلف الطلاب البحث عن مورد لشراء ما يلبسون بأرجلهم.
هنا مراكش حيث لا مجال للقلق ، حينها كانت الحياة الجامعية جميلة تتقبل كل شيء يفعله الاخر دون نقاش أو جدال، اليوم بالجامعة وانا شخصيا زرتها فقد لا تفرق بين الطالب والطالبة،
رفيقنا هذا الان رجل تعليم محبوب لذى الجميع، روح الذعابة بادية على محياه .