العيون الآن.
تشهد الساحة الدبلوماسية الدولية في الأسابيع الأخيرة حراكاً غير مسبوق حول ملف الصحراء المغربية، قبيل انعقاد الجلسة السنوية لمجلس الأمن المقررة نهاية أكتوبر الجاري، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على إمكانية إدخال تغييرات جوهرية على طبيعة مهام بعثة الأمم المتحدة “المينورسو”.
فوفق معطيات متداولة داخل أروقة الأمم المتحدة، يجري نقاش معمّق حول إعادة تعريف دور البعثة، من مراقبة وقف إطلاق النار إلى بعثة دعم ومواكبة لمسار تنزيل مقترح الحكم الذاتي، الذي قدمه المغرب عام 2007 كحل عملي ونهائي للنزاع.
وحسب موقع Africa Intelligence المتخصص في الشؤون الدبلوماسية والاستخباراتية، فإن المغرب يعمل حالياً على إعداد نسخة محدثة من مبادرته للحكم الذاتي، تحت إشراف مباشر من وزير الخارجية ناصر بوريطة، وبمواكبة تقنية من خبراء بريطانيين، ضمن رؤية جديدة تراعي المستجدات الجهوية والإدارية للمملكة.
الصيغة الجديدة للمقترح المغربي، وفق المصدر ذاته، تستند إلى التقسيم الترابي لسنة 2016، وتمنح صلاحيات أوسع للمؤسسات الجهوية في قطاعات حيوية مثل التعليم، الصحة، والتنمية الاقتصادية، مع معالجة دقيقة لملف اللاجئين في تندوف، وترتيبات أمنية تضمن إدماج الأقاليم الجنوبية في إطار السيادة المغربية الكاملة.
كما استعانت الرباط بخبرة الأكاديمي البريطاني كريستوفر ثورنتون، المتخصص في حل النزاعات بمركز الحوار الإنساني بجنيف، للمساهمة في صياغة المقترح بما يتماشى مع المعايير الدولية المعتمدة في أنظمة الحكم الذاتي المتقدمة، وهو ما يعكس توجهاً مغربياً نحو إضفاء طابع مؤسساتي وتقني على المبادرة السياسية.
في المقابل، تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على إعداد مشروع القرار الجديد المتعلق بتمديد ولاية بعثة المينورسو، تحت إشراف وزير الخارجية ماركو روبيو، بينما يواصل المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا سلسلة لقاءات مكثفة تشمل الرباط والجزائر وباريس وموسكو وتندوف، لاستطلاع مواقف الأطراف ورسم معالم المرحلة المقبلة.
وتبرز روسيا، الحليف التقليدي للجزائر وعضو مجلس الأمن الدائم، كعامل مؤثر في موازين التفاوض، بالنظر إلى قدرتها على توجيه مسار القرارات عبر حق النقض (الفيتو).
في المقابل، تتمسك الجزائر بخطابها التقليدي حول “الاستفتاء”، دون تقديم بدائل واقعية، فيما تزداد عزلة جبهة البوليساريو على الصعيد الدبلوماسي، مقتصرةً على تحركات محدودة عبر منظمات غير حكومية للمطالبة بتوسيع مهام الأمم المتحدة لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، وهو مطلب تعتبره الرباط محاولة لعرقلة الحل السياسي.
أما اللافت، فهو بروز حديث داخل كواليس الأمم المتحدة عن مشروع بعثة جديدة تحمل اسم “مانساسو” (Mission d’Assistance pour les Négociations sur le Statut d’Autonomie du Sahara Occidental)، تهدف إلى دعم المفاوضات بشأن الحكم الذاتي، وإلغاء خيار الاستفتاء نهائياً، في تحول يضع المينورسو أمام إعادة هيكلة شاملة لمهامها نحو الإشراف على تنفيذ ترتيبات الحكم الذاتي ميدانياً.
ويرى مراقبون أن سنة 2025 قد تشكل نقطة تحول تاريخية في مسار هذا النزاع الإقليمي المزمن، مع تنامي توجه غربي منسق، تقوده واشنطن وباريس بدعم من لندن، نحو صيغة جديدة تُكرس مقترح الحكم الذاتي المغربي كالإطار الواقعي الوحيد القادر على إنهاء الجمود وإرساء تسوية دائمة تحت مظلة الأمم المتحدة.











