بين الحزن والغضب.. فاجعة بركان تسلط الضوء على إهمال يهدد أرواح الأبرياء

محرر مقالات7 مارس 2025
بين الحزن والغضب.. فاجعة بركان تسلط الضوء على إهمال يهدد أرواح الأبرياء

العيون الآن.

يوسف بوصولة / العيون.

خيم الحزن والأسى على مدينة بركان بعدما تحولت أمطار الخير إلى مأساة إنسانية راحت ضحيتها طفلة بريئة لم يتجاوز عمرها تسع سنوات قبل أذان المغرب يوم الخميس 6 مارس 2025، سقطت الطفلة رفقة والدها في بالوعة مفتوحة للصرف الصحي غمرتها مياه الأمطار الغزيرة وسط غياب أبسط شروط السلامة في ورش إعادة التهيئة الذي تشهده المنطقة.

 

كان الأب في طريقه لإحضار طفلته من دروس الدعم التربوي، حين باغتتهما فوهة الموت، جرفتهما المياه بقوة التيار نحو المجرى الرئيسي للصرف الصحي. بفضل تدخل شباب الحي تمكنوا من إنقاذ الأب بأعجوبة، لكن الطفلة اختفت وسط المياه المتدفقة تاركة وراءها قلوبا يعتصرها الألم واللوعة.

 

وصلت فرق الوقاية المدنية والأمن الوطني إلى مكان الحادث، لتبدأ عملية بحث مضنية استمرت لساعات، بحثا عن الصغيرة التي غمرتها المياه. وبعد جهود حثيثة عثر عليها جثة هامدة لتتبدد آمال العثور عليها حية، وتسجل مأساة أخرى تنضاف إلى قائمة الفواجع الناجمة عن الإهمال واللامبالاة.

 

لم يكن هذا الحادث مجرد واقعة عرضية بل كارثة تعكس واقعا مريرا من الإهمال والتسيب. فالساكنة، التي توافدت بأعداد كبيرة إلى موقع الحادث عبرت عن غضبها الشديد واستنكارها لغياب إجراءات السلامة في ورش التهيئة، تركت البالوعات مكشوفة دون حواجز أو إشارات تحذيرية، وكأن أرواح الناس لا قيمة لها أمام استهتار المقاولات المشرفة على الأشغال وتهاون الجهات المسؤولة في مراقبتها.

 

ليست بركان وحدها من تعاني من هذا الواقع. مدن عديدة عبر التراب الوطني تعيش على وقع إهمال مشابه، تتحول الطرقات إلى مصائد قاتلة بسبب الحفر والبالوعات المفتوحة فيما تتسبب التساقطات المطرية في فيضانات تكشف عيوب البنية التحتية المهترئة رغم أن المغرب يقدم نفسه كوجهة استثمارية وسياحية عالمية، ويستعد لاستضافة تظاهرات قارية وعالمية، من بينها كأس العالم 2030.

 

كيف يمكن لدولة تراكم الإنجازات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية وتسعى إلى تعزيز حضورها العالمي، أن تعاني بعض مدنها من أبسط مظاهر الإهمال؟ كيف يعقل أن يترك مشروع إعادة تهيئة بدون إجراءات وقائية تحمي أرواح المواطنين؟

 

هذه الفاجعة يجب أن تكون نقطة تحول، ليس فقط في معالجة الإهمال المؤدي إلى كوارث كهذه، بل في مساءلة ومحاسبة المسؤولين الذين يشرفون على هذه المشاريع دون احترام معايير السلامة. لا يكفي تقديم التعازي أو التعبير عن الأسف، بل يجب أن تتحرك الجهات المختصة لفتح تحقيق جدي يحمل كل طرف مسؤوليته، بدءا من الشركة المنفذة للأشغال وصولا إلى الجهات الوصية التي لم تفرض مراقبة صارمة على المشروع.

 

إن حماية أرواح المواطنين، خاصة الأطفال، مسؤولية لا تقبل التهاون ولا التساهل. فالمغرب الذي يبني مستقبلا طموحا يجب أن يضمن في المقابل أن تكون حياة مواطنيه في مأمن من أخطاء قاتلة يمكن تفاديها بسهولة لو تم التعامل مع الأمور بجدية ومسؤولية

الاخبار العاجلة