المغرب يواصل إحباط المخططات الإرهابية ويعزز تعاونه الأمني مع إفريقيا

محرر مقالات7 فبراير 2025
المغرب يواصل إحباط المخططات الإرهابية ويعزز تعاونه الأمني مع إفريقيا

العيون الأن.

يوسف بوصولة / العيون.

نجح المكتب المركزي للأبحاث القضائية (BCIJ) في تفكيك خلية إرهابية تتكون من أربعة عناصر من بينهم ثلاثة أشقاء كانوا يعتزمون تنفيذ هجمات إرهابية داخل المغرب، في عملية أمنية بارزة حظيت باهتمام دولي وعكست مستوى الاحترافية التي بلغتها الأجهزة الأمنية المغربية في مواجهة التهديدات الإرهابية وإحباط المخططات التي تستهدف استقرار المملكة والمنطقة بأكملها.

 

ووفقا لما أوردته صحيفة لو بوان الفرنسية، فقد اعتمد أفراد “خلية الأشقاء الثلاثة” استراتيجية “الذئاب المنفردة” و”الجهاد الفردي” وهو نهج أضحى شائعا بين الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها في المغرب خلال السنوات الأخيرة.

 

وكشفت التحقيقات، بحسب المصدر ذاته أن هذه الخلية كانت على اتصال مباشر بقيادات تنظيم داعش في منطقة الساحل، حيث تلقت تدريبات عن بعد حول تقنيات تصنيع المتفجرات وأساليب التخطيط للهجمات والتخفي عن الرصد الأمني.

 

وخلال ندوة صحفية عقدها في 30 يناير 2025، كشف مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية أن السلطات الأمنية تمكنت منذ نهاية عام 2022 من تفكيك أكثر من 40 خلية إرهابية على ارتباط بتنظيمي القاعدة وداعش في منطقة الساحل الإفريقي، كما رصدت مغادرة 130 متطرفا مغربيا إلى بؤر التوتر في الصومال والساحل.

 

وأوضحت الصحيفة أن هذه الأرقام تعكس حجم التهديد الأمني الذي تمثله هذه المنطقة على الاستقرار الإقليمي، حيث تنشط الجماعات المتطرفة وفق منهجية موحدة ترتكز على التنسيق مع شخصيات إرهابية في الساحل والتخطيط لعمليات دقيقة.

 

وتعد منطقة الساحل إحدى أخطر بؤر التطرف، إذ تستغل التنظيمات الإرهابية حالة عدم الاستقرار السياسي لترسيخ وجودها وتعزيز نفوذها في شمال إفريقيا.

 

وفي سياق متصل، أفادت الصحيفة الفرنسية بأن المغرب يواصل تعزيز تعاونه الأمني مع الدول الإفريقية، حيث أشرفت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST) على تدريب ضباط أمن من الغابون وكوت ديفوار وغينيا كوناكري ومدغشقر وتنزانيا، في إطار جهود محاربة الإرهاب.

 

وأضاف المصدر ذاته أن المغرب لم يكتفِ بالمواجهة الأمنية الصارمة بل تبنى مقاربة استباقية تمزج بين التدابير الأمنية والتوجيه الديني، بهدف التصدي للفكر المتطرف في القارة الإفريقية.

 

ومن بين القضايا التي أثارتها الصحيفة الفرنسية دور مخيمات تندوف في استقطاب العناصر الإرهابية، إذ تحولت هذه المنطقة إلى ملاذ للجماعات المتطرفة، مستفيدة من طبيعتها الجغرافية التي تتيح حرية التنقل ومن غياب الرقابة الفعلية وضعف البنية الاجتماعية للسكان المحليين.

 

وأشارت التقارير إلى أن تنظيم داعش والدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى يستغلان هذه المخيمات لاستقطاب وتدريب مقاتلين جدد. ومن أبرز الأمثلة على ذلك عدنان أبو الوليد الصحراوي، الذي بدأ نشاطه داخل جبهة البوليساريو كعضو في قيادة اتحاد شباب الجبهة والمسؤول عن استقبال الوفود الأجنبية في مخيمات تندوف، قبل أن يتحول إلى أحد أخطر قادة داعش في الساحل.

 

وأوضحت الصحيفة أن أبو الوليد الصحراوي، الذي انضم إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عام 2008، يمثل نموذجا للارتباط بين بعض الفصائل داخل مخيمات تندوف والجماعات الإرهابية الناشطة في المنطقة.

 

وأكدت لو بوان أن المغرب كان من بين أوائل الدول التي حذرت من خطورة تصاعد النشاط الإرهابي في منطقة الساحل، مشيرة إلى أن الاستخبارات المغربية نبهت منذ سنوات إلى احتمال تحول هذه المنطقة إلى “أفغانستان جديدة”.

 

كما أشار مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية إلى أن المغرب حذر منذ ما قبل هجمات 11 سبتمبر 2001 من أن الجماعات الإرهابية تسعى إلى جعل الساحل قاعدة خلفية لتنفيذ عملياتها.

 

وسلط التقرير الضوء على أحد أخطر التطورات في المشهد الإرهابي، وهو “التطرف العائلي”، حيث كشفت التحقيقات أن ثلاثة من أفراد الخلية المفككة أشقاء، وكانوا يعتزمون تنفيذ عمليات إرهابية قبل الالتحاق بتنظيم داعش في الساحل.

 

وكشفت المعلومات أن زعيم الخلية خطط لنقل أبنائه الخمسة إلى معسكرات داعش، في إطار استراتيجية جديدة تعتمد على تجنيد العائلات لضمان استمرار التنظيمات الإرهابية.

 

وبالتوازي مع التطرف العائلي برز تهديد آخر يتمثل في “التجنيد الرقمي”، حيث أصبحت الشبكات الاجتماعية والتطبيقات المشفرة أدوات رئيسية لنشر الفكر المتطرف.

 

وأكدت التحقيقات أن العديد من الإرهابيين تم استقطابهم عبر الإنترنت دون أن يكون لهم أي تواصل مباشر مع الجماعات المتطرفة.

 

وفي مواجهة هذه الظاهرة، أنشأت الاستخبارات المغربية وحدة متخصصة لرصد وتفكيك الشبكات الإلكترونية الإرهابية، ما مكنها منذ عام 2016 من إحباط أكثر من 600 محاولة تجنيد عبر الإنترنت.

 

وركز التقرير على أن المغرب لم يعتمد على المقاربة الأمنية فقط في مواجهة الإرهاب، بل انتهج استراتيجية شاملة تهدف إلى محاربة الفكر المتطرف من جذوره.

 

وأوضحت لو بوان أن المملكة أطلقت منذ أوائل الألفية الثالثة سلسلة من الإصلاحات الدينية الهادفة إلى تعزيز الخطاب الإسلامي المعتدل ومكافحة التشدد، ومن بين أبرز هذه الإصلاحات:

• إحداث المجالس الإقليمية للعلماء لضمان إشراف ديني موحد.

• تأسيس معهد محمد السادس لتكوين الأئمة، الذي يستقطب طلابا من إفريقيا وأوروبا بهدف نشر خطاب ديني وسطي.

• إطلاق برنامج “مصالحة” لإعادة تأهيل المتطرفين داخل السجون، والذي استفاد منه 331 سجينا، وحصل 177 منهم على عفو ملكي، دون تسجيل أي حالة عودة إلى التطرف.

 

وبفضل هذه الاستراتيجية المتكاملة، أصبح المغرب فاعلا محوريا في الحرب العالمية ضد الإرهاب، حيث لا يقتصر دوره على تبادل المعلومات الاستخباراتية، بل يشارك بشكل مباشر في التحقيقات الدولية المتعلقة بالملفات الإرهابية.

 

وأشار مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، حبوب الشرقاوي، إلى أن المغرب يواجه تحديات متزايدة بحكم موقعه الجغرافي القريب من منطقة الساحل، التي تحولت إلى معقل رئيسي للجماعات الإرهابية، لكنه مستمر في تعزيز جهوده الاستباقية لحماية أمنه الداخلي والمساهمة في استقرار المنطقة.

Breaking News