العيون الآن
المحلل السالك رحال يكتب..مخيمات تيندوف بالجزائر… ماذا يجري هناك هذه الأيام..؟
تشهد مخيمات تيندوف بجنوب غرب الجزائر حالة خطيرة من عدم الاستقرار ،أشكال مختلفة من الاحتجاج على المستويين المدني والعسكري .حالة تنذر بوقوع انهيار وشيك لمنظومة هذه الحركة التي تدير المخيمات.
مظاهر السخط العارمة فجرتها عدة فضائح اختلاس للمساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية لسكان المخيم بالإضافة إلى مظاهر التحايل في بيع المحروقات والمتاجرة في تأشيرات تقدمها الدولة الاسبانية مجانا لحالات استشفائية يتم تعويضها عن طريق السماسرة إلى اسماء آخرى مقابل ازيد من 15ألف يورو، تلك الاحتجاجات التي كما ذكرنا شملت الجانب العسكري حيث يحتج العديد من قادة الكتائب والجنود على تأخر رواتبهم لمدة تزيد عن نصف سنة مع اقصائهم من الحصول على تأشيرات أوربية مجانية تخصص عادة لعناصر محددة في صفوف تلك الميليشيات..
لكن إلى حدود هذه اللحظة الأمر قد يبدو عاديا.. لكن الغير عادي هو خروج كبار مسؤولي هذا التنظيم في شكل احتجاجي لايختلف حدة عن احتجاج المواطنين العاديين .. البشير مصطفى السيد وابي بشرايا البشير الذين خرجا في تدوينتين متزامنتين يصفان فيهما الوضع هناك كالسفينة التي هي في طور الغرق .. محددين أسباب ذلك في سوء تدبير المرحلة من طرف ابراهيم غالي ومعاونيه.
المتتبع لأوضاع مخيمات تيندوف سيكتشف بسرعة ان هناك حالة من الاحباط واليأس الشديدين أمام سلسلة الانهزامات التي تلقتها هذه الحركة بعد اربع سنوات من إعلان العودة إلى القنال من جانب واحد والتي تثبت المعطيات من هناك انه لم يقدم أية نتيجة تذكر عدا المئات من القتلى في صفوف عناصر تلك الميليشيات مقابل لاشيء يذكر تسجيله على مستوى الحزام الدفاعي مع فشل ذريع على مستوى العمل الخارجي والديبلوماسي. و في ظل تزايد الاهتمام والإشادة بالمبادرة القاضية بمنج الصحراء حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية ..
من يعرف البشير مصطفى السيد وابي بشرايا سوف يدرك بسرعة ان هناك أزمة حقيقية وعميقة جدا في صفوف ذلك التنظيم مع العلم انها ليست الخرجة الأولى التي يقوم بها هذان المسؤولان..لكن هذه المرة الوضع يختلف تماما حيث تتزامن كما ذكرنا مع احتقان شعبي كبير ..
مايمكن تفسيره في هذا الصدد اليوم هو أن الشخصيتن المذكورتين وكأني بهما يحاولان تبرير خروجهما النهائي من اللعبة السياسية في محاولة لإعطاء تبرير مسبق لذلك لكي لاتتم مفاجأة الرأي العام المحلي بالانسحاب من المشهد .. مع العلم طبعا أنهما سوف يخرجان من اللعبة وهما يضمنان مستقبلا مريحا جدا لهما ولاقاربهما في ظل التقارير الكثيرة التي تشير إلى ثرائهما الفاحش على حساب اللاجئين والمتجسد في مشاريع كبرى على التراب الموريتاني وفي امريكا اللاتينية.
ويمكن كذلك ربط خرجيتهما مع الزيارة الأخيرة التي قام بها نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السابق جوشوا هاريس ،والذي بالمناسبة هو سفير الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر حاليا ، عندما زار الرابوني والتقى بابراهيم غالي وكان البشير مصطفى السيد أحد الحاضرين لذلك اللقاء، حيث صرح جوشوا هاريس بشكل مباشر أن على البوليساريو ان تتحلى بالواقعية وروح التسوية وشدد على أن اي حل لقضية الصحراء يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الواقع على الأرض والواقع على الأرض يقول ان المغرب يمارس سيادته الكاملة على جل تراب الصحراء . تلك التصريحات التي لقيت غضبا ورفضا من غالي الذي أصدر بيانا بعد ذلك اللقاء رفض فيه مصطلح الواقعية .. المسؤول الأمريكي ومن خلال تلك التصريحات وذلك اللقاء بين بشكل مباشر أن البوليساريو غير واقعية تماما .الشيء الذي ربما حدا بالبشير ولد السيد إلى أن يفهم الوضع جيدا ويدرك أن الولايات المتحدة الأمريكية ستنزل بثقلها الشديد لمساندة الطرح المغربي محليا ودوليا خصوصا أن المسؤول ذاته يوجد حاليا كسفير لبلده للاشراف على المقاربة الأمريكية لحل هذا النزاع من عمق الجزائر هذا الطرف الرئيسي في نزاع الصحراء.
خرجة البشير ولد السيد وابي بشرايا والوضع عموما بالمخيمات له مابعده مع المزيد من مظاهر انعدام الامن وإطلاق الرصاص بين عصابات تهريب المخدرات . داخل المخيمات وفوق رؤوس النساء والاطفال والعجزة . وضع يستدعي تدخل المجتمع الدولي من أجل وضع حد للتسيب الحاصل هناك في ظل انعدام السيطرة الأمنية لتنظيم الجبهة وانزلاق الوضع إلى امور خطيرة جدا قد ترتبط بالتطرف القريب جنوبا في دولة مالي ..