العيون الان
بقلم عبدو الظويف
ارتقوا فالقاع ازدحم 1
(القبلية في الميزان)
مما لا شك فيه ولا ريب ان طبيعة التجمعات الانسانية منذ الازل شهدت تنظيمات قبلية بشكل أو بآخر منذ الجاهلية الى فجر الاسلام مرورا بما عقب ذلك وصولا الى العصر (الحديث والمعاصر). والحق ان تنظيم القبيلة قديم قدم الانسان والتاريخ حيث نجده لدى اليونانيين قبل الميلاد بقرون وان كانت القبيلة تتخذ اشكالا مختلفة. ونجده لدى جملة من الشعوب التي يسميها البعض ب(البدائية) مع تحفظي على عبارة البدائية . في الهند وافريقيا وامريكا لدى الهنود وهلم جر…
القبيلة في شكلها الحضاري تبدو اطارا اجتماعيا ينتظم فيه الافراد زالجماعات ضمن مكون تشترك فيه روابط الدم والعادات والتقاليد المشتركة بل وحتى المجال المشترك. وفي منظور اقل حداثة تبدو مستنقعا لتفشي ظواهر شاذة مقيتة كالميز العنصري وتضخم الانا الاجتماعية .
من طبيعة الانسان في مجالنا المشترك العربي-الافريقي-الامازيغي-الصحراوي… ان يتعصب لطائفته وحاضنته الاجتماعية على اساس الافتخار بالدين او النسب او الدم او الشرف او العرق….
فالتعصب في معناه السيكو اجتماعي المتمحور حول التقوقع حول الذات فردية كانت او جماعية واعتبارها دون غيرها الذات المختارة من دون الاخرين .ونبذ الذات الاخرى او الجماعات الاخرى واعتبارها هامشا وجد بطريقة ما قد يكون في وجهة نظر صاحبها انها مسخرة لخدمة صاحب النسب والشرف وسمو العرق. وهو ما تم تصنيفه عن خلفية القبائل التي تمتهن الزراعة او الانشغال بخشاش الارض . بينما يتم تصنيف النخبة القبلية في مهن التجارة والسياسيين وارباب الاعمال ….
فالتعصب غالبا ما يكون اتجاها سلبيا موجها ضد اعضاء جماعة معينة بسبب عضويتهم بها وتكون ضدهم مشاعر سلبية بناءا على معتقدات منمطة والنزعة الى معاملتهم معاملة سلبية . وقد يتخذ معاني ترادفية كالعنصرية والجنسية .. وكل هذا يجد مستنقع القبيلة ارضية خصبة لتفشيه واستفحاله…
الطامة ان ينتقل الصراع القبلي التعصبي الساذج الى ابهى اشكال التحضر والديمقراطية (المؤسسات المنتخبة) <على سبيل المثال فقط> التي تهتم بتسيير شؤون الجمهور على اعتبار خدمة المصلحة العامة تتجاوز الخلفية القبلية او السياسية او الايديولوجية . فحين انتقال هذا الورم الخبيث الى مؤسسات تدبير الشأن العام للناس يجد لنفسه ابوابا مفتوحة اكثر من اي مكان اخر، حينها يصبح عامل الانتماء للقبيلة مطية لتحقيق اهداف اكثر شخصية، ومسرحا لتصفية الحسابات السياسية والتاريخية وبالتالي توتر علاقات ظلت قائمة لردح من الزمن .وتعثر مصالح العموم (الا من رحم الله) .
ان التعصب للحاضنة (القبيلة) بوصفه اي التعصب اتجاها يتميز بالانحياز والسلبية يتكون لدى الفرد نتيجة محصلة تجارب وخبرات وتفاعلات اجتماعية تزوده بها عملية التنشئة الاجتماعية … ولطالما كان مكون القبيلة مسرحا لتفشي ظاهرة التعصب ومن اشد ما عاناه الانسان في زمن تسوده مفاهيم الديمقراطية والعدل وحقوق الانسان والعيش الكريم في ظل حياة يختارها لنفسه دون تمييز بين الافراد على اي اساس ايا كان شكله .
والحقيقة اقول ان التعصب يجد لنفسه قابلية للتفشي في ظل ظروف اجتماعية ونفسية معينة يعيشها الافراد كلما كان هناك خلاف او تباين بين الجماعات المكونة للمجتمع على اساس الانتماء للطائفة او العرق او الدين. وكلما هيمن الجهل وانعدم وجود فرص للاتصال بين الافراد والجماعات المختلفة في المجتمع الواحد فكلما زادت معرفة الفرد بالحقائق والمعلومات عن الجماعات الاخرى التي يتعصب ضدها الا و قلت نسبة التعصب.
كما ان افراد الاغلبية غالبا ما يتصرفون بتعصب واضطهاد ضد الاقليات بقصد توحيد وتقوية صفوف الاغلبية والخفاظ على استمرارها ونبذ اي اخطار تهددهم.
القبيلة اذن هي ارضية خصبة لتفشي ظواهر اجتماعية ابرزها التعصب والميز والتفرقة بين ابناء الانسانية . فالقبيلة في منظوري البسيط لا يجب ان تتجاوز حدها التنظيمي التضامني الذي تعتبر فبه اطارا تنظيميا ينتظم في الافراد والجماعات من منطلق التكافل الاجتماعي وقبول الاخر بغض النظر عن عرقه او لونه او جنسه او انتمائه السياسي … حتى نستطيع الارتقاء من هذا القاع المزدحم